(الثالث): أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يريد أن يكتب الخلافة لعليّ -رضي الله عنه-، ولذلك تعرّض عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فمنعه عن ذلك؛ لتسليط غير أهل البيت عليها.
(الرابع): أن عمر -رضي الله عنه- قد نَسَب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الْهَذَيان، حيث قال: أهجر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- معصوم عن الجنون، والهذيان، وأمثالهما من العوارض.
فأما الطعن الأول والثاني، فنجيب عنهما إجمالًا، وإلزامًا، ثم تفصيلًا وتحقيقًا.
فأما الجواب الإجماليّ، فإنه لو كان امتناع الصحابة -رضي الله عنهم- عن الإتيان باللوح والدواة في مثل تلك الحال معصيةً -والعياذ بالله- فإنه لم ينفرد به عمر -رضي الله عنه-، بل شاركه فيه جميع أهل البيت الذين كانوا حاضرين في ذلك الوقت والمقام، ولا سيما علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، فإنه فعل في تلك الحال عين ما فعله عمر -رضي الله عنه-، فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" (1/ 90) عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: أمرني النبيّ أن آتيه بطبق يكتب فيه ما لا تضلّ أمته من بعده، قال: فخشيت أن تفوتني نفسه، قال: فقلت: إني أحفظ وأعي، قال: أُوصي بالصلاة، والزكاة، وما ملكت أيمانكم" (?).
قال: وإن هذه الرواية تقطع جميع مطاعن الشيعة من شأفتها، فإنها صريحة في أنه لم يكن في ذلك الوقت أيما فرق بين موقف عمر وموقف عليّ -رضي الله عنهما-، فإن كانت واقعة هذه الرواية عين واقعة الباب، فإن كليهما امتنعا عن الكتابة؛ إشفاقًا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال عمر -رضي الله عنه-: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- غلب عليه الوجع، وقال عليّ: فخشيت أن تفوتني نفسه، وإن كانت واقعة هذه الرواية غير واقعة الباب، فإن جميع ما طعنت به الشيعة في عمر -رضي الله عنه- يتوجه إلى عليّ -رضي الله عنه- في واقعة "مسند أحمد"، فما جوابهم فيه، فهو جوابنا في عمر -رضي الله عنه-.
وبالتالي تدلّ هذه الرواية على أن الوصيّة التي كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن