من حديث أبي أمامة -رضي الله عنه-: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبته في حجة الوداع: "إن الله قد أعطى كلَّ ذي حقّ حقّه، فلا وصيّة لوارث". وفي إسناده إسماعيل بن عيّاش، وقد قوّى حديثه عن الشاميين جماعة من الأئمة، منهم أحمد، والبخاريّ، وهذا من روايته عن شُرحبيل بن مسلم، وهو شاميّ ثقة، وصرّح في روايته بالتحديث عند الترمذيّ، وقال الترمذيّ: حديث حسن، وفي الباب عن عمرو بن خارجة، عند الترمذيّ، والنسائيّ، وعن أنس عند ابن ماجه، وعن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جدّه، عند الدارقطنيّ، وعن جابر عند الدارقطنيّ أيضًا، وقال: الصواب إرساله، وعن عليّ عند ابن أبي شيبة، ولا يخلو إسناد كلّ منها عن مقال، لكن مجموعها يقتضي أن للحديث أصلًا، بل جنح الشافعيّ في "الأمّ" إلى أن هذا المتن متواتر، فقال: وجدنا أهل الفتيا، ومن حفظنا عنهم من أهل العلم بالمغازي من قريش، وغيرهم، لا يختلفون في أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال عام الفتح: "لا وصيّة لوارث"، ويُؤثِرون عمن حفظوه عنه ممن لَقُوه من أهل العلم، فكان نقل كافّة، عن كافّة، فهو أقوى من نقل واحد.

وقد نازع الفخر الرازيّ في كون هذا الحديث متواترًا، وعلى تقدير تسليم ذلك، فالمشهور من مذهب الشافعيّ أن القرآن لا يُنسخ بالسُّنَّة، لكن الحجة في هذا الإجماع على مقتضاه، كما صرّح به الشافعيّ وغيره. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تبيّن بما سبق أن حديث: "لا وصيّة لوارث" صحيح؛ بمجموع طرقه، فقد مرّ آَنفًا أنه مرويّ عن هؤلاء الصحابة -رضي الله عنهم-، بطرق كثيرة، وقد قام بتخريجها، والكلام عليها الشيخ الألبانيّ رحمه الله في كتابه الممتع "إرواء الغليل"، فأجاد، وأفاد، فراجعه تستفد (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[4202] ( ... ) - (حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ (ح) وَحَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، وَحَرْمَلَةُ، قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015