أغنياء، ولنَفَذ ذلك عليهم بغير إجازتهم، ولا قائل بذلك، وعلى تقدير أن يكون تعليلًا محضًا، فهو للنقص عن الثلث، لا للزيادة عليه، فكأنه لما شُرع الإيصاء بالثلث، وأنه لا يُعترض به على الموصي إلا أن الانحطاط عنه أولى، ولا سيّما لمن ترك ورثة غير أغنياء، فنبّه سعدًا على ذلك.

11 - (ومنها): أن فيه سدّ الذريعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهم أمض لأصحابي هجرتهم، ولا تردّهم على أعقابهم"، لئلّا يتذرّع بالمرض أحدٌ لأجل حبّ الوطن، قاله ابن المنيّر.

12 - (ومنها): أن فيه تقييد مطلق القرآن بالسُّنَّة؛ لأنه قال سبحانه وتعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 11]، فأَطْلَق، وقيّدت السُّنَّة الوصيّة بالثلث.

13 - (ومنها): أن من ترك شيئًا لله لا ينبغي له الرجوع فيه، ولا في شيء منه مختارًا.

14 - (ومنها): التأسّف على فوت ما يُحَصِّل الثواب، وأن من فاته ذلك بادر إلى جبره بغير ذلك.

15 - (ومنها): تسلية من فاته أمرٌ من الأمور لتحصيل ما هو أعلى منه؛ لِمَا أشار -صلى الله عليه وسلم- لسعد من عمله الصالح بعد ذلك.

16 - (ومنها): الاستفسار عن الْمُحْتَمِل إذا احْتَمَل وجوهًا؛ لأن سعدًا لما مُنع من الوصيّة بجميع المال احتَمَل عنده المنع فيما دونه، والجواز، فاستفسر عما دون ذلك.

17 - (ومنها): النظر في مصالح الورثة، وأن خطاب الشرع للواحد يعمّ من كان بصفته من المكلّفين؛ لإطباق العلماء على الاحتجاج بحديث سعد هذا، وإن كان الخطاب إنما وقع له بصيغة الإفراد، ولقد أبعد من قال: إن ذلك يختصّ بسعد، ومن كان في مثل حاله ممن يُخَفف وارثًا ضعيفًا، أو كان ما يخلُفه قليلًا؛ لأن البنت من شأنها أن يطمع فيها إذا كان لها مال، وإن كانت بغير مال لم يرغب فيها.

18 - (ومنها): أن من ترك مالًا قليلًا، فالاختيار له ترك الوصيّة، وإبقاء المال للورثة، وقد اختلف السلف في ذلك القليل، وقد تقدّم البحث فيه، مستوفًى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015