لطلب دعاء، أو دواء، وربّما استُحِبّ، وأن ذلك لا ينافي الاتصاف بالصبر المحمود، وإذا جاز ذلك في أثناء المرض، كان الإخبار به بعد البرء أجوز.
5 - (ومنها): أن أعمال البرّ والطاعة، إذا كان منها ما لا يمكن استدراكه، قام غيره في الثواب والأجر مقامه، وربّما زاد عليه، وذلك أن سعدًا -رضي الله عنه- خاف أن يموت بالدار التي هاجر منها، فيفوت عليه بعض أجر هجرته، فأخبره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بأنه إن تخلّف عن دار هجرته، فعمل عملًا صالحًا، من حجّ، أو جهاد، أو غير ذلك، كان له به أجر بِعِوَض ما فاته من الجهة الأخرى.
6 - (ومنها): إباحة جمع المال بشرطه؛ لأن التنوين في قوله: "وأنا ذو مال" للكثرة، وقد وقع في بعض طرقه صريحًا: "وأنا ذو مال كثير".
7 - (ومنها): الحثّ على صلة الرحم، والإحسان إلى الأقارب، وأن صلة الأقرب أفضل من صلة الأبعد، والإنفاقِ في وجوه الخير.
8 - (ومنها): أن المباح إذا قُصد به وجه الله تعالى صار طاعةً، وقد نبّه على ذلك بأقلّ الحظوظ الدنيويّة العاديّة، وهو وضع اللقمة في فِي الزوجة؛ إذ لا يكون ذلك غالبًا إلا عند الملاعبة، والممازحة، ومع ذلك فيؤجر فاعله، إذا قَصَد به قصدًا صحيحًا، فكيف بما فوق ذلك.
9 - (ومنها): أن فيه منعَ نقل الميت من بلد إلى بلد؛ إذ لو كان ذلك مشروعًا لأمر النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بنقل سعد ابن خَوْلة -رضي الله عنه-، قاله الخطابيّ.
قال الجامع عفا الله عنه: تقدّم عن القاضي عياض رحمه الله أنه قال: وقد رُوي في هذا الحديث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال لرجل: "إن توفّي بمكة، فلا تدفنه فيها"، فإن صحّ هذا فإنه يردّ قول الخطابيّ المذكور، لكن لم يذكر عياض سند الحديث، حتى يُنظر فيه، والله أعلم.
10 - (ومنها): أن من لا وارث له تجوز له الوصيّة بما زاد على الثلث؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنْ تَدَع ورثتك أغنياء"، فمهومه أن من لا وارث له لا يبالي بالوصيّة بما زاد؛ لأنه لا يترك ورثته يُخشى عليهم الفقر.
وتُعُقّب بأنه ليس تعليلًا محضًا، وإنما فيه تنبيه على الأحظّ الأنفع، ولو كان تعليلًا محضًا لاقتضى جواز الوصيّة بأكثر من الثلث لمن كانت ورثته