البائس سعد ابن خولة"، قال سعد: رَثَى له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ... إلخ، فهذا صريح في وصله، فلا ينبغي الجزم بإدراجه.
ووقع عند البخاريّ في "الطبّ" من رواية عائشة بنت سعد، عن أبيها فلادةُ: "ثم وَضَع يده على جبهتي، ثم مسح وجهي وبطني، ثم قال: اللهم اشف سعدًا، وأتمم له هجرته، قال: فما زلت أجد بَرْدها".
ولمسلم من طريق حميد بن عبد الرحمن الحميريّ الآتية: "فقال النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: اللهم اشف سعدًا، اللهم اشف سعدًا، ثلاث مرار".
وقوله: (مِنْ أَنْ تُوُفِّيَ بمَكَّةَ) "من" تعليليّة، و"أن" بفتح الهمزة مصدريّة، وهو تعليل لرثائه -صلى الله عليه وسلم-؛ أي: لأجل موته بمكة.
قال في "الفتح": قوله: "أن مات بمكة" هو بفتح الهمزة للتعليل، وأغرب الداوديّ، فتردّد فيه، فقال: إن كان بالفتح ففيه دلالةٌ على أنه أقام بمكة بعد الصَّدَر من حجته، ثم مات، وإن كان بالكسر ففيه دليل على أنه قيل له: إنه يريد التخلّف بعد الصَّدَر، فخشي عليه أن يدركه أجله بمكة.
ثم قال: والمضبوط المحفوظ بالفتح، لكن ليس فيه دلالة على أنه أقام بعد حجه؛ لأن السياق يدلّ على أنه مات قبل الحجّ. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذُكر من تردّد الداودي في فتح الهمزة وكسرها، لا يتأتّى في رواية مسلم هذه؛ لأنه لا يمكن فيها الكسر؛ لدخول "مِن" الجارّة عليها، وإنْ الشرطيّة لا يدخل عليها الجارّ، فهي صريحة في الردّ على الداوديّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
مسائل تتعلق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [2/ 4201 و 4202 و 4203 و 4204 و 4205 و 4206 و 4207 و 4208 و 4209] (1628)، و (البخاريّ) في "الجنائز"