يثاب عليه، إذا قَصَد به وجه الله تعالى، وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله تعالى صار طاعة، ويثاب عليه، وقد نبّه -صلى الله عليه وسلم- على هذا بقوله: "حتى اللقمة تجعلها في فِي امرأتك"؛ لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذّه المباحة، وإذا وَضَع اللقمة في فيها، فإنما يكون ذلك في العادة عند الملاعبة والملاطفة والتلذذ بالمباح، فهذه الحالة أبعد الأشياء عن الطاعة، وأمور الآخرة، ومع هذا فأخبر -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا قصد بهذه اللقمة وجه الله تعالى حصل له الأجر بذلك، فغير هذه الحالة أولى بحصول الأجر، إذا أراد وجه الله تعالى، ويتضمن ذلك أن الإنسان إذا فعل شيئًا أصله على الإباحة، وقصد به وجه الله تعالى يثاب عليه، وذلك كالأكل بنية التقوى على طاعة الله تعالى، والنوم للاستراحة؛ ليقوم إلى العبادة نشيطًا، والاستمتاع بزوجته وجاريته؛ ليكفّ نفسه وبصره ونحوهما عن الحرام، وليقضي حقهما، وليُحَصّل ولدًا صالِحًا، وهذا معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "وفي بُضْع أحدكم صدقة"، متّفقٌ عليه، والله أعلم. انتهى (?).

وقوله: (تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ") "في" الأولى هي الجارّة، والثانية بمعنى الفم، وهي أحد الأسماء الستّة التي تُرفع بالواو، وتُنصب بالألف، وتُجرّ بالياء، كما قال ابن مالك في "الخلاصة":

وَارْفَعْ بِوَاوٍ وَانْصِبَنَّ بِالأَلِفْ ... وَاجْرُرْ بِيَاءٍ مَا مِنَ الأَسْمَا أَصِفْ

مِنْ ذَاكَ "ذُو" إِنْ صُحْبَةً أَبَانَا ... و"الْفَمُ" حَيْثُ الْمِيمُ مِنْهُ بَانَا

"أَبٌ" "أَخٌ" "حَمٌ" كَذَاكَ و"هَنُ" ... وَالنَّقْصُ فِي هَذَا الأَخِيرِ أَحْسَنُ

وَفِي "أَبٍ" وَتَالِيَيْهِ يَنْدُرُ ... وَقَصْرُهَا مِنْ نَقْصِهِنَّ أَشْهَرُ

[تنبيه]: وجه تعلّق قوله: "ولست تنفق نفقة ... إلخ" بقصّة الوصيّة أن سؤال سعد يُشعر بأنه رَغِب في تكثير الأجر، فلما منعه الشارع من الزيادة على الثلث، قال له على سبيل التسلية: إن جميع ما تفعله في مالك من صدقة، ناجزة، ومن نفقةٍ، ولو كانت واجبةً تؤجر بها، إذا ابتغيت بذلك وجه الله تعالى، ولعلّه خصّ المرأة بالذّكر لأن نفقتها مستمرّةٌ، بخلاف غيرها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015