يقل: أن تدع بنتك، مع أنه لم يكن له يومئذ إلا ابنة واحدة؛ لكون الوارث حينئذ لم يتحقق؛ لأن سعدًا إنما قال ذلك بناء على موته في ذلك المرض، وبقائها بعده حتى ترثه، وكان من الجائز أن تموت هي قبله، فأجاب -صلى الله عليه وسلم- بكلام كليّ مطابق لكل حالة، وهو قوله: "ورثتك"، ولم يخصّ بنتًا من غيرها.
وقال الفاكهيّ شارح "العمدة" رحمه الله: إنما عبّر-صلى الله عليه وسلم- بالورثة؛ لأنه اطَّلَعَ على أن سعدًا سيعيش، ويأتيه أولاد غير البنت المذكورة، فكان كذلك، ووُلد له بعد ذلك أربعة بنين، ولا أعرف أسماءهم، ولعل الله أن يفتح بذلك.
قال الحافظ -بعد ذكر ما تقدّم-: وليس قوله: "أن تدَع بنتك" متعيَّنًا؛ لأن ميراثه لم يكن منحصرًا فيها، فقد كان لأخيه عتبة بن أبي وقاص أولاد إذ ذاك، منهم هاشم بن عتبة الصحابيّ الذي قُتِل بصِفِّين، فجاز التعبير بالورثة؛ لتدخل البنت وغيرها ممن يرث لو وقع موته إذ ذاك، أو بعد ذلك.
قال: وأما قول الفاكهيّ: إنه وُلد له بعد ذلك أربعة بنين، وأنه لا يعرف أسماءهم، ففيه قصورٌ شديدٌ، فإن أسماءهم في رواية هذا الحديث بعينه عند مسلم من طريق عامر، ومصعب، ومحمد، ثلاثتهم عن سعد، ووقع ذكر عُمَر بن سعد فيه في موضع آخر، ولمّا وقع ذِكر هؤلاء في هذا الحديث عند مسلم اقتَصَر القرطبيّ على ذكر الثلاثة.
قال: ووقع في كلام بعض شيوخنا تعقُّب عليه بأن له أربعة من الذكور غير الثلاثة، وهم: عُمر، وإبراهيم، ويحيى، وإسحاق، وعزا ذِكرهم لابن المدينيّ وغيره، وفاته أن ابن سعد ذَكر له من الذكور غير السبعة أكثر من عشرة، وهم: عبد الله، وعبد الرحمن، وعمرو، وعمران، وصالح، وعثمان، وإسحاق الأصغر، وعمر الأصغر، وعُمير -مصغَّرًا- وغيرهم، وذَكر له من البنات ثنتي عشرة بنتًا، وكأن ابن المدينيّ اقتصر على ذِكر مَن رَوَى الحديث منهم، والله أعلم. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (?).
وقال صاحب "تنبيه المعلم": وذكر أبو زرعة الدمشقيّ أنهم ثمانية، وقال الدمياطيّ: هم: عامر، وإبراهيم، وإسحاق، وعُمر، ومصعبٌ، وموسى،