كلاهما عن عامر بن سعد، وكذا أوّلهما من طريق محمد بن سعد، عن أبيه، ومن طريق هشام بن عروة، عن أبيه، عن سعد. انتهى (?).

وقال النوويّ رحمه الله: قوله: "أفأتصدق بثلثي مالي؟ " يَحْتَمِل أنه أراد بالصدقة الوصية، ويَحْتَمِل أنه أراد الصدقة المنجَّزة، وهما عندنا، وعند العلماء كافّةً سواءٌ، لا ينفذ ما زاد على الثلث إلا برضا الوارث، وخالف أهل الظاهر فقالوا: للمريض مرض الموت أن يتصدق بكل ماله، ويتبرع به كالصحيح، ودليل الجمهور ظاهر حديث: "الثلث كثير"، مع حديث الذي أعتق ستة أعبد في مرضه، فأعتق النبيّ -صلى الله عليه وسلم- اثنين، وأَرَقَّ أربعةً (?)، رواه مسلم.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("لَا")؛ أي: لا ينبغي لك أن تتصدّق بثلثي مالك (قَالَ) سعد (قُلْتُ: أفَأَتَصَدَّقُ بِشَطْرِهِ؟ )؛ أي: نصفه، وفي الرواية الآتية: "قلت: فالنصفِ؟ "، وهو بالجرّ عطفًا على قوله: "بثلثي مالي"؛ أي: فأتصدّق بالنصف؟ وهذا رجّحه السهيليّ، وقال الزمخشريّ: هو بالنصب على تقدير فعل؛ أي: أُسمّي الشطر؟ أو: أُعيّن الشطر، ويجوز الرفع على تقدير: أيجوز الشطرُ.

(قَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("لَا، الثُّلُثُ) هكذا هذه الرواية فيها اختصار، يوضّحه ما في الرواية الآتية: "قال: فالثلث؟ ، قال: الثلث، والثلث كثير".

قال النوويّ رحمه الله: "كثير" بالمثلثة، وفي بعض الرواية بالموحّدة، وكلاهما صحيح، قال القاضي عياض: يجوز نصب "الثلث" الأول، ورفعه، أما النصب فعلى الإغراء، أو على تقدير: افْعَل؛ أي: أَعْطِ الثلثَ، وأما الرفع فعلى أنه فاعل؛ أي: يكفيك الثلثُ، أو أنه مبتدأ، وحُذِف خبره، أو خبرٌ محذوف المبتدأ. انتهى (?).

وقال في "الفتح": قوله: "قلت: الثلثُ؟ ، قال: فالثلثُ، والثلث كثير" كذا في أكثر الروايات، وفي رواية الزهريّ عند البخاريّ في "الهجرة": "قال: الثلثُ يا سعد، والثلث كثير"، وفي رواية عائشة بنت سعد عن أبيها عند

طور بواسطة نورين ميديا © 2015