حكم الله، وفيما أباحه الله في كتابه، وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "إنه من أعطى شيئًا حياته فهو له ولورثته، فأمسكوا عليكم أموالكم".
قالوا: والسكنى عارية لا يُملك بها رقبة، إنما يملك بها المنافع على شروط المسكن.
ومن حجتهم فيما ذهبوا إليه في العمرى ما رواه ابن جريج، والثوريّ، وجماعة عن أبي الزبير، عن جابر، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أعمر شيئًا حياته، فهو له حياته وموته".
ثم ساق بسنده عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "العمرى لمن وُهبت له"، فجعلها هبةً، والفائدة في هذا الخطاب في تملّكه الرقبة؛ لأن المنافع أوضح من أن يحتاج إلى أن تُعرَف لمن هي في ذلك، والله أعلم.
ثم ساق بسنده عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تُعمِروا أحدًا شيئًا، فإن من أعمر أحدًا شيئًا حياته فهو له حياته ومماته".
قال: وذكر الشافعيّ عن ابن علية، عن الحجاج بن أبي عثمان، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا معشر الأنصار أمسكوا عليكم أموالكم، ولا تُعمروا أحدًا شيئًا، فإن من أعمر شيئًا حياته، فهو لمن أُعْمِره حياته ومماته".
ورَوَى حماد بن سلمة، عن أبي الزبير، عن جابر مثله سواءً، وهو قول جابر، وابن عمر، وابن عباس، ذكر معمر عن أيوب، عن حبيب بن أبي ثابت، قال: سمعت ابن عمر وسأله أعرابيّ أَعطَى ابنه ناقةً له حياته، فأنتجها فكانت إبلًا، فقال ابن عمر: هي له حياته ومماته، قال: أفرأيت إن كان تصدق عليه؟ قال: فذلك أبعد له.
وهذا الخبر يدلّ على أن مذهب ابن عمر في العمرى أنها خلاف السكنى، ذلك أنه وَرِثَ حفصة بنت عمر دارها، قال: وكانت حفصة قد أسكنت بنت زيد بن الخطاب ما عاشت، فلما توفيت ابنة زيد قَبض عبد الله بن عمر المسكن، ورأى أنه له.