حبّان) في "صحيحه" (5137 و 5138 و 5139)، و (أبو يعلى) في "مسنده" (4/ 72)، و (أبو عوانة) في "مسنده" (3/ 464 - 465)، و"الطحاويّ) في "شرح معاني الآثار" (4/ 93)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (6/ 172) و"المعرفة" (5/ 5) و"الصغرى" (5/ 485)، و (البغويّ) في "شرح السُّنّة" (2196)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في حكم العمرى، ومثلها الرقبى:

قال النوويّ رحمه الله: قال أصحابنا: العمرى ثلاثة أحوال:

[أحدها]: أن يقول: أعمرتك هذه الدار، فإذا مِتّ فهي لورثتك، أو لعقبك، فتصحّ بلا خلاف، ويَملك بهذا اللفظ رقبةَ الدار، وهي هبة، لكنها بعبارة طويلة، فإذا مات فالدار لورثته، فإن لم يكن له وارث فلبيت المال، ولا تعود إلى الواهب بحال؛ خلافًا لمالك.

[الحال الثاني]: أن يَقتصر على قوله: جعلتها لك عمرك، ولا يتعرض لِمَا سواه، ففي صحة هذا العقد قولان للشافعيّ: أصحهما، وهو الجديد: صحته، وله حكم الحال الأول، والثاني، وهو القديم: أنه باطل، وقال بعض أصحابنا: إنما القول القديم أن الدار تكون لِلْمُعْمَر حياته، فإذا مات عادت إلى الواهب، أو ورثته؛ لأنه خصّه بها حياته فقط، وقال بعضهم: القديم أنها عارية يَستردّها الواهب متى شاء، فإذا مات عادت إلى ورثته.

[الثالث]: أن يقول: جعلتها لك عمرك، فإذا مُتَّ عادت إليَّ، أو إلى ورثتي إن كنتُ متُّ، ففي صحته خلاف عند أصحابنا، منهم من أبطله، والأصح عندهم صحته، ويكون له حكم الحال الأول، واعتمدوا على الأحاديث الصحيحة المطلقة: "العمرى جائزة"، وعَدَلُوا به عن قياس الشروط الفاسدة، والأصح: الصحة في جميع الأحوال، وأن الموهوب له يملكها ملكًا تامًّا يتصرف فيها بالبيع وغيره من التصرفات، قال: هذا مذهبنا.

وقال أحمد: تصحّ العمرى المطلقة دون المؤقتة.

وقال مالك في أشهر الروايات عنه: العمرى في جميع الأحوال تمليك لمنافع الدار مثلًا، ولا يُملك فيها رقبة الدار بحال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015