على حشو لا فائدة فيه، ولا يتعلق به حكم، ولو كان كما زعموا لنقص فقه الحديث؛ لأنه لا يكون فيه بيان حكم الطفل الذي لم يبلغ سنّ الرجولية، وقد اتفقوا على أن الميراث يجب له، ولو كان ابن ساعة، فلا فائدة في تخصيصه بالبالغ دون الصغير، قال: والحديث إنما سيق لبيان من يستحق الميراث من القرابة بعد أصحاب السهام، ولو كان كما زعموا لم يكن فيه تفرقة بين قرابة الأب، وقرابة الأم، قال: فإذا ثبت هذا فقوله: "أَوْلَى رجل ذَكَرٍ" يريد القريب في النسب الذي قرابته من قِبَل رجل، وصُلْب، لا من قِبَل بطن ورحم، فالأولى هنا هو ولي الميت، فهو مضاف إليه في المعنى دون اللفظ، وهو في اللفظ مضاف إلى النسب، وهو الصُّلب، فعَبَّر عن الصُلب بقوله: "أولى رجل"؛ لأن الصلب لا يكون إلا رجلًا، فأفاد بقوله: "لأولى رجل" نفي الميراث عن الأولى الذي هو من قبل الأم، كالخال، وأفاد بقوله: "ذَكَرٍ" نفي الميراث عن النساء، وإن كنّ من المُدْلِين إلى الميت من قِبَل صلب؛ لأنهن إناث.

قال: وسبب الإشكال من وجهين:

أحدهما: أنه لما كان مخفوضًا ظُنَّ نعتًا لرجل، ولو كان مرفوعًا لم يُشكِل، كأن يقال: فوارثه أولى رجل ذكرٌ.

والثاني: أنه جاء بلفظ أفعل، وهذا الوزن إذا أريد به التفضيل كان بعض ما يضاف إليه، كَفُلان أعلم إنسان، فمعناه أعلم الناس، فتوهّم أن المراد بقوله: "أولى رجل" أولى الرجال، وليس كذلك، وإنما هو أولى الميت بإضافة النسب، وأولى صُلب بإضافته، كما تقول: هو أخوك أخو الرخاء، لا أخو البلاء، قال: فالأَولى في الحديث كالولي.

[فان قيل]: كيف يضاف للواحد، وليس بجزء منه؟ .

[فالجواب]: إذا كان معناه الأقرب في النسب جازت إضافته، وإن لم يكن جزءًا منه، كقوله -صلى الله عليه وسلم- في البرّ: "برّ أمك، ثم أباك، ثم أدناك"، قال: وعلى هذا فيكون في هذا الكلام الموجز من المتانة، وكثرة المعاني، ما ليس في غيره، فالحمد لله الذي وَفَّقَ وأعان. انتهى كلامه.

قال الحافظ: ولا يخلو من استغلاق، وقد لَخَّصَه الكرمانيّ، فقال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015