فلهذا نَبَّهَ عليه بذِكْرٍ الذكورية، قال: وهذا لا يَتَفَطَّن له كلُّ مُدَّعٍ.

وقيل: إنه احتراز عن الخنثى في الموضعين، فلا تُؤخذ الخنثى في الزكاة، ولا يحوز الخنثى المال إذا انفرد.

وقيل: للاعتناء بالجنس، وقيل: للإشارة إلى الكمال في ذلك، كما يقال: امرأة أنثى، وقيل: لنفي توهم اشتراك الأنثى معه؛ لئلا يُحْمَل على التغليب، وقيل: ذُكِرَ تنبيهًا على سبب الاستحقاق بالعصوبة، وسبب الترجيح في الإرث، ولهذا جُعِل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم المؤن؛ كالقيام بالعيال، والضيفان، هارفاد القاصدين، ومواساة السائلين، وتحمّل الغرامات، وغير ذلك، هكذا قال النوويّ، وسبقه القاضي عياض، فقال: قيل: هو على معنى اختصاص الرجال بالتعصيب بالذكورية التي بها القيام على الإناث، وأصله للمازريّ، فإنه قال -بعد أن ذكر استشكال ما ورد في هذا، وهو رجل ذكر، وفي الزكاة ابن لبون ذكر- قال: والذي يظهر لي أن قاعدة الشرع في الزكاة الانتقال من سنّ إلى أعلى منها، ومن عدد إلى أكثر منه، وقد جُعِل في خمسة وعشرين بنت مخاض، وسنًّا أعلى منها، وهو ابن لبون، فقد يُتَخَيَّل أنه على خلاف القاعدة، وأن السنين كالسنّ الواحد؛ لأن ابن اللبون أعلى سنًّا، لكنه أدنى قدرًا، فنبّه بقوله: "ذَكَرٍ" على أن الذكورية تبخسه، حتى يصير مساويًا لبنت مخاض، مع كونها أصغر سنًّا منه، وأما في الفرائض، فَلِمَا عُلِم أن الرجال هم القائمون بالأمور، وفيهم معنى التعصيب، وترى لهم العرب ما لا ترى للنساء، فعَبَّر بلفظ "ذَكَرٍ" إشارةً إلى العلة التي لأجلها اختَصَّ بذلك، فهما وإن اشتركا في أن السبب في وصف كل منهما بذكر التنبيه على ذلك، لكن متعلَّق التنبيه فيهما مختلف، فإنه في ابن اللبون إشارةٌ إلى النقص، وفي الرجل إشارةٌ إلى الفضل، وهذا قد لخصه القرطبيّ، وارتضاه.

وقيل: إنه وَصْفٌ لـ "أَوْلَى"، لا لـ "رجل"، قاله السهيليّ، وأطال في تقريره، وتبجح به، فقال: هذا الحديث أصل في الفرائض، وفيه إشكال، وقد تلقاه الناس، أو أكثرهم على وجه لا تصح إضافته إلى مَن أُوتي جوامع الكلم، واختُصِر له الكلام اختصارًا، فقالوا: هو نعت لرجل، وهذا لا يصحّ؛ لعدم الفائدة؛ لأنه لا يتصور أن يكون الرجل إلا ذكرًا، وكلامه أجلّ من أن يَشتَمِل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015