الكافر، ولا الكافر المسلم؛ عملًا بالنصّ الصحيح الصريح، وهو حديث الباب، ولم يوجد نصّ صحيح في قوّته يخالفه، فتبصّر بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في حكم إرث المرتدّ:
قال النوويّ رَحِمَهُ اللهُ: وأما المرتدّ فلا يرث المسلم بالإجماع، وأما المسلم فلا يرث المرتدّ عند الشافعيّ، ومالك، وربيعة، وابن أبي ليلى، وغيرهم، بل يكون ماله فيئًا للمسلمين، وقال أبو حنيفة، والكوفيون، والأوزاعيّ، وإسحاق: يرثه ورثته من المسلمين، ورُوي ذلك عن عليّ، وابن مسعود، وجماعة من السلف، لكن قال الثوريّ، وأبو حنيفة: ما كَسَبَهُ في ردّته فهو للمسلمين، وقال الآخرون: الجميع لورثته من المسلمين. انتهى كلام النوويّ رَحِمَهُ اللهُ (?).
وقال في "الفتح": واختُلِف في المرتدّ، فقال الشافعيّ، وأحمد: يصير ماله إذا مات فيئًا للمسلمين، وقال مالك: يكون فيئًا إلا إن قَصَد بردّته أن يَحْرِم ورثته المسلمين، فيكون لهم، وكذا قال في الزنديق، وعن أبي يوسف، ومحمد: لورثته المسلمين، وعن أبي حنيفة: ما كَسَبه قبل الردّة لورثته المسلمين، وبعد الردّة لبيت المال، وعن بعض التابعين كعلقمة: يستحقه أهل الدِّين الذي انتقل إليه، وعن داود: يختص بورثته من أهل الدِّين الذي انتقل إليه، ولم يفصِّل.
فالحاصل من ذلك ستة مذاهب، حَرَّرها الماورديّ (?).
وقال القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ ما حاصله: أن المسلم والكافر المذكورين في حديث الباب للعموم، فلا يرث مسلمًا ما كافرًا ما، ولو كان مرتدًّا، وهو مذهب مالك، وربيعة، والشافعيّ، وابن أبي ليلى؛ قالوا: لا يرث المرتدَّ أحدٌ من المسلمين، ومالُهُ فَيءٌ لبيت المال.
وخالفهم في ذلك طائفة أخرى فقالوا: إن ورثته من المسلمين يرثونه، وبه قال الأوزاعيّ، وإسحاق، والحسن البصريّ، والشعبيّ، وعمر بن عبد العزيز، ورُوي ذلك عن عليّ، وابن مسعود.