والخدمة، والمواساة، والرفق، والحدب عليه من هذا الباب.
الثالث: القرابة المتضمنة لهذين المعنيين جميعًا، والأقدم بالاعتبار هو الثالث، ومظنتها جميعًا على وجه الكمال من يدخل في عمود النسب، كالأب، والجدّ، والابن، وابن الابن، فهؤلاء أحقّ الورثة بالميراث، غير أن قيام الابن مقام أبيه، هو الوضع الطبيعيّ الذي عليه بناء العالم من انقراض قرن، وقيام القرن الثاني مقامهم، وهو الذي يرجونه، ويتوقعونه، ويحصلون الأولاد والأحفاد لأجله، أما قيام الأب بعد ابنه، فكأنه ليس بوضع طبيعيّ، ولا ما يطلبونه، ويتوقعونه، ولو أن الرجل خُيِّر في ماله لكانت مواساة ولده أملك لقلبه من مواساة والده، فلذلك كانت السُّنَّة الفاشية في طوائف الناس تقديم الأولاد على الآباء، أما القيام مقامه فمظنته بعدما ذكرنا الإخوة، ومن في معناهم ممن هم كالعضد، وكالصنو، ومن قوم المرء، وأهل نسبه وشرفه، وأما الخدمة والرفق فمظنة القرابة القريبة، فالأحقّ به الأم والبنت، ومن في معناهما، ممن يدخل في عمود النسب، ولا تخلو البنت من قيابم ما مقامه، ثم الأخت، ولا تخلو أيضًا من قيامٍ ما مقامه، ثم مَن به علاقة التزوج، ثم أولاد الأم، والنساء لا يوجد فيهنّ معنى الحماية، والقيام مقامه، كيف والنساء ربما تزوّجن في قوم آخرين، ويدخلن فيهم، اللهم إلا البنت والأخت على ضعف فيهما، ويوجد في النساء معنى الرفق والحدب كاملًا موفَّرًا، وإنما مظنة القرابة القريبة جدًّا؛ كالأم، والبنت، ثم الأخت؛ دون البعيدة؛ كالعمة، وعمة الأب، والباب الأول يوجد في الأب والابن كاملًا، ثم الإخوة، ثم الأعمام، والمعنى الثاني يوجد في الأب كاملًا، ثم الابن، ثم الأخ لأب وأم، أو لأم، وإنما مظنة القرابة القريبة دون البعيدة، فمن ثَمَّ لم يُجعل للعمة شيء مما للعمّ؛ لأنها لا تذُبّ عنه، كما يذُبّ العم، وليست كالأخت في القرب.
ومنها: أن الذكر يُفَضَّل على الأنثى، إذا كانا في منزلة واحدة أبدًا؛ لاختصاص الذكور بحماية البيضة، والذبّ عن الذِّمار، ولأن الرجال عليهم إنفاقات كثيرة، فهم أحقّ ما يكون شبه الْمُجّان، بخلاف النساء، فإنهن كَلٌّ على أزواجهن، أو آبائهن، أو أبنائهن، وهو قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا} [النساء: 34]، وقال ابن