رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفر، وكنت على جمل، فقال: "ما لك في آخر الناس؟ " قلت: أعيا بعيري، فأخذ بذنَبه، ثم زجره، فإن كنت إنما أنا في أول الناس، يُهِمّني رأسه، فلما دنونا من المدينة، قال: "ما فعل الجمل؟ بعنيه"، قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله، قال: "لا، بل بعنيه" قلت: لا، بل هو لك، قال: "لا، بل بعنيه، قد أخذته بوُقيّة، اركبه، فإذا قَدِمت المدينة، فأتنا به"، فلما قَدِمت المدينة جئته به، فقال لبلال: "يا بلالُ زِنْ له أُوقيّةً، وزده قيراطًا"، قلت: هذا شيء زادني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلم يفارقني، فجعلته في كِيسٍ، فلم يزل عندي، حتى جاء أهل الشام يوم الحرّة، فأخذوا منّا ما أخذوا. انتهى.
والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[4095] ( ... ) - (حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيادٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي سَفَرٍ، فَتَخَلَّفَ نَاضِحِي، وَسَاقَ الْحَدِيثَ، وَقَالَ فِيهِ: فَنَخَسَهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ قَالَ لِي: "ارْكَبْ بِاسْمِ اللهِ"، وَزَادَ أَيْضًا: قَالَ: فَمَا زَالَ يَزِيدُنِي، وَيَقُولُ: "وَاللهُ يَغْفِرُ لَكَ").
رجال هذا الإسناد: خمسة:
1 - (أَبُو كَامِلٍ الْجَحْدَرِيُّ) فُضيل بن حسين بن طلحة البصريّ، ثقةٌ حافظٌ [10] (ت 237) وله أكثر (80) سنة ً (خت م د ت س) تقدم في "المقدمة" 6/ 57.
2 - (عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ) الْعَبْديّ مولاهم البصريّ، ثقةٌ [8] (ت 176) أو بعدها (ع) تقدم في "الطهارة" 11/ 584.
3 - (الْجُرَيْرِيُّ) سعيد بن إياس، أبو مسعود البصريّ، ثقةٌ، اختَلَط قبل موته بثلاث سنين [5] (ت 144) (ع) تقدم في "الإيمان" 40/ 266.
[فإن قلت]: كيف أخرج مسلم للجريريّ، وقد اختلَط، وعبد الواحد ليس ممن روى عنه قبل اختلاطه؟ .
[قلت]: إنما أخرج له في المتابعة، وقد سبق أن رجّحنا أن ما روي عن