والأبضاع: {يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [النساء: 176] , وقال تعالى: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119] , وقال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ} [التوبة: 115] , ووكل بيان ما أشكل من التنْزيل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم-، كما قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44] وما قُبض -صلى الله عليه وسلم- حتّى أكمل له ولأُمته الدينَ، ولهذا أنزل عليه بعرفة قَبْلَ موته بمدة يسيرة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3].
وقال -صلى الله عليه وسلم-: "تَركتُكُم على بَيضاءَ نقية، لَيلُها كنهارِها، لا يَزِيغُ عنها إلَّا هالِكٌ" (?).
وقال أبو ذرٍّ -رضي الله عنه-: توفي رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-، وما طائِرٌ يُحرِّكُ جناحَيهِ في السَّماءِ إلَّا وقد ذَكَرَ لنا منه عِلمًا (?).
ولمَّا شكَّ النَّاسُ في موته -صلى الله عليه وسلم-، قال عمُّه العباس -رضي الله عنه-: والله ما ماتَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- حتّى تركَ السبيلَ نهجًا واضحًا، وأحلَّ الحلالَ وحرَّم الحرامَ، ونكَحَ وطلَّق، وحارب وسالم، وما كان راعي غنم يتبع بها رؤوس الجبال يَخْبِطُ عليها العِضاةَ بمِخْبَطهِ، وَيمْدُرُ حوضَها بيده بأنصَب ولا أدأب من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانَ فيكُم (?).
ومع هذا فلا بد في الأمة من عالم يُوافق قولُه الحقَّ، فيكون هو العالِم بهذا الحكم، وغيرُه يكون الأمر مشتبهًا عليه، ولا يكون عالمًا بهذا، فإنَّ هذه الأمة لا تجتمع على ضلالة، ولا يظهرُ أهلُ باطلها على أهلِ حقِّها، فلا يكونُ الحقُّ مهجورًا غير معمولٍ به في جميع الأمصار والأعصار، ولهذا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المشتبهات: "لا يَعْلَمُهُنَّ كثيرٌ من النَّاس"، فدلّ على أنَّ من