فوائده، وأنه أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، قال جماعة: هو ثلث الإسلام، وإن الإسلام يدور عليه، وعلى حديث: "الأعمال بالنيّات"، وحديث: "لا يؤمن أحدكم حتّى يُحبّ لأخيه ما يُحبّ لنفسه"، وقيل: حديث: "ازهد في الدنيا يُحبّك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبّك الناس"، قال العلماء: وسبب عظم موقعه أنه -صلى الله عليه وسلم- نبّه فيه على إصلاح المطعم، والمشرب، والملبس، وغيرها، وأنه ينبغي ترك المشتبهات، فإنه سبب لحماية دينه وعرضه، وحذّر من مواقعة الشبهات، وأوضح ذلك بضرب المثل بالحمى، ثم بيّن أهمّ الأمور، وهو مراعاة القلب، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ألا إن في الجسد مضغة" إلخ، فبيّن -صلى الله عليه وسلم- أن بصلاح القلب يصلح باقي الجسد، وبفساده يفسد باقيه. انتهى" (?).
وقال القاضي عياض رحمه الله: رُوي عن أبي داود السجستانيّ، قال: كتبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خمسمائة ألف حديث، الثابت منها أربعة آلاف حديث، وهي ترجع إلى أربعة أحاديث: قوله -صلى الله عليه وسلم-: "إنما الأعمال بالنيّات"، وقوله: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه"، وقوله: "الحلال بيّن، والحرام بيّن"، وقوله: "لا يكون المرء مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه"، وروي مكان هذا: "ازهد في الدنيا يحبّك الله" الحديث، قال: وقد نظم هذا أبو الحسن طاهر بن مفوّز في بيتين، فقال [من الخفيف]:
عُمْدَةُ الدّينِ عِنْدَنَا كَلِمَاتٌ ... مُسْنَدَات مِنْ قَوْلِ خَيْرِ الْبَرِيهْ
اتْرُكِ الْمُشْبَهَاتِ وَازْهَدْ وَدَعْ مَا ... لَيْسَ يَعْنِيكَ وَاعْمَلَنَّ بِنِيَّهْ
وقال في "الفتح"، ما حاصله: وقد عظّم العلماء أمر هذا الحديث، فعَدُّوه رابع أربعة، تدور عليها الأحكام، كما نُقل عن أبي داود، وفيه البيتان المشهوران، قال: والمعروف عن أبي داود، عَدُّ: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه" الحديث، بدل: "ازهد فيما في أيدي الناس"، وجعله بعضهم ثالثَ ثلاثة، حذف الثاني، وأشار ابن العربي إلى أنه يُمكن أن ينتزع منه وحده، جميع الأحكام، قال القرطبي: لأنه اشتمل على التفصيل بين الحلال وغيره، وعلى