منها، ألا وهي الشبهات، فعلى العاقل أن يُحاسب نفسه عندها، ويأخذ حذره منها، فإنه إذا أرخى العنان لنفسه فيها، جرّه ذلك إلى التجاوز إلى الحرام، فليتّق الله تعالى عند الشبهات، ليسهل عليه البعد عن المحرّمات، وإلا وقع في المهلكات.

5 - (ومنها): ضرب المثل لإيضاح الأحكام.

6 - (ومنها): أن من وقع في الشبهات، فقد عرّض دينه، وعرضه للطعن.

7 - (ومنها): أن فيه تقسيمَ الأحكام إلى ثلاثة أشياء، وهو صحيح؛ لأن الشيء إما أن يُنصّ على طلبه مع الوعيد على تركه، أو يُنصّ على تركه، مع الوعيد على فعله، أو لا ينصّ على واحد منهما، فالأول الحلال البيّن، والثاني الحرام البيّن، فمعنى قوله: "الحلال بيَّن" أي: لا يحتاج إلى بيانه، ويشترك في معرفته كلّ أحد، والثالث: مشتبه؛ لخفائه، فلا يُدرى هل هو حلالٌ، أو حرامٌ، وما كان هذا سبيله ينبغي اجتنابه؛ لأنه إن كان في نفس الأمر حرامًا، فقد برئ من تبعتها، وإن كان حلالًا، فقد أُجر على تركها بهذا القصد؛ لأن الأصل في الأشياء مختلف فيه حظرًا، وإباحةً، والأوّلان قد يَرِدان جميعًا، فإن عُلم المتأخّر منهما، وإلا فهو من حيّز القسم الثالث، قاله في "الفتح" (?).

8 - (ومنها): أن فيه دليلًا على جواز الجرح والتعديل، قاله البغويّ في "شرح السنّة".

9 - (ومنها): أن بعضهم استنبط منه منع إطلاق الحلال والحرام على ما لا نصّ فيه؛ لأنه من جملة ما لم يستبن، لكن قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يعلمها كثير من الناس" يُشعر بأن منهم من يعلمها، قاله في "الفتح" (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): فيما قاله أهل العلم من التنويه بشأن هذا الحديث:

قال النوويّ رحمه الله: أجمع العلماء على عظم وقع هذا الحديث، وكثرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015