استفت قلبك وإن أفتوك، لكن هذا إنما يصحّ ممن نوَّر الله قلبه بالعلم، وزيَّن جوارحه بالورع، بحيث يجد للشبهة أثرًا في قلبه، كما يحكى عن كثير من سلف هذه الأمَّة، كما نقل عنهم في "الحلية" و"صفة الصفوة"، وغيرهما من كتب ذلك الشأن.

وأما إن لم يترجح الفعل على الترك، ولا الترك على الفعل، فهذا هو الأحق باسم الشبهة، والمتشابه؛ لأنه قد تعارضت فيه الأشباه، فهذا النوع يجب فيه التوقف إلى الترجيح؛ لأن الإقدام على أحد الأمرين من غير رجحان حكم بغير دليل، فيحرم؛ إذ لا دليل مع التعارض، ولعل الذي قال: إن الإقدام على الشبهة حرام؛ أراد هذا النوع، والذي قال: إن ذلك مكروه؛ أراد النوع الذي قبل هذا، والله أعلم. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (?).

(وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ) قال في "الفتح": فيها أيضًا ما تقدّم من اختلاف الرواة (وَقَعَ فِي الْحَرَامِ) قال التوربشتيّ رحمه الله: الوقوع في الشيء السقوط فيه، وكلّ سقوط شديد يُعبّر عنه بذلك، وإنما قال: "وقع في الحرام" تحقيقًا لمداناته الوقوع، كما يقال: من أتبع نفسه هواها، فقد هلك.

وقال الأشرف رحمه الله: إنما قال: "وقع في الحرام"، ولم يقل: يوشك أن يقع تحقيقًا لمداناة الوقوع، كما يقال: من أتبع نفسه هواها، فقد هلك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015