العقد، فعلى هذا تسميتهما متبايعين حقيقة، بخلاف حمل المتبايعين على المتساومين، فإنه مجاز باتفاق.
(عاشرها): قالت طائفة: التفرق يقع بالأقوال، كقوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} الآية [النساء: 130].
وأجيب: بأنه سُمي بذلك لكونه يفضي إلى التفرق بالأبدان. قال البيضاويّ: ومن نفى خيار المجلس، ارتكب مجازين: بحمله التفرق على الأقوال، وحمله المتبايعين على المتساومين، وأيضًا فكلام الشارع يصان عن الحمل عليه؛ لأنه يصير تقديره أن المتساومين إن شاءا عقدا البيع، وإن شاءا لم يعقداه، وهو تحصيل الحاصل؛ لأن كل أحد يعرف ذلك، ويقال لمن زعم أن التفرق بالكلام: ما هو الكلام الذي يقع به التفرق، أهو الكلام الذي وقع به العقد، أم غيره؟ فإن كان غيره فما هو؟ فليس بين المتعاقدين كلام غيره، وإن كان هو ذلك الكلام بعينه، لزم أن يكون الكلام الذي اتّفقا عليه، وتم بيعهما به، هو الكلامَ الذي افترقا به، وانفسخ بيعهما به، وهذا في غاية الفساد.
(حادي عشرها): قال آخرون: العمل بظاهر الحديث متعذر، فيتعيّن تأويله، وبيان تعذره أن المتبايعين، إن اتفقا في الفسخ، أو الإمضاء، لم يثبت لواحد منهما على الآخر خيار، دوان اختلفا فالجمع بين الفسخ والإمضاء جمع بين النقيضين، وهو مستحيل.
وأجيب: بان المراد أن لكل منهما الخيار في الفسخ، وأما الإمضاء، فلا احتياج إلى اختياره، فإنه مقتضى العقد، والحال يفضي إليه مع السكوت، بخلاف الفسخ.
(ثاني عشرها): قال آخرون: حديث ابن عمر هذا، وحكيم بن حزام، معارَض بحديث عبد الله بن عمرو، وذلك فيما أخرجه أبو داود وغيره، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه، مرفوعًا: "الْبَيِّعَان بالخيار، ما لم يتفرقا، إلا أن تكون صفقة خيار، ولا يحل له أن يفارق صاحبه، خشية أن يستقيله".
قال ابن العربيّ: ظاهر هذه الزيادة، مخالف لأول الحديث في الظاهر،