فإن تأولوا الاستقالة فيه على الفسخ، تأولنا الخيار فيه على الاستقالة، وإذا تعارض التأويلان، فُزِع إلى الترجيح، والقياس في جانبنا، فيرجح.

وتُعُقّب: بأن حمل الاستقالة على الفسخ، أوضح من حمل الخيار على الاستقالة؛ لأنه لو كان المراد حقيقة الاستقالة، لم تمنعه من المفارقة، لأنها لا تختص بمجلس العقد، وقد أثبت في أول الحديث الخيار، ومَدَّه إلى غاية التفرق، ومن المعلوم أن من له الخيار، لا يحتاج إلى الاستقالة، فتعيّن حملها على الفسخ، وعلى ذلك حمله الترمذيّ وغيره، من العلماء، فقالوا: معناه: لا يحل له أن يفارقه بعد البيع، خشية أن يختار فسخ البيع؛ لأن العرب تقول: استقلت ما فات عني، إذا استدركته، فالمراد بالاستقالة، فسخ النادم منهما للبيع، وحملوا نفي الحل على الكراهة؛ لأنه لا يليق بالمروءة، وحسن معاشرة المسلم، لا أَنَّ اختيار الفسخ حرام.

قال ابن حزم: احتجاجهم بحديث عمرو بن شعيب، على التفرق بالكلام، لقوله فيه: "خشية أن يستقيله"؛ لكون الاستقالة لا تكون إلا بعد تمام البيع، وصحةُ انتقال الملك، يستلزم أن يكون الخبر المذكور، لا فائدة له؛ لأنه يلزم من حمل التفرق على القول، إباحة المفارقة، خشي أن يستقيله، أو لم يخش.

(ثالث عشرها): قال بعضهم: التفرق بالأبدان في الصرف، قبل القبض يبطل العقد، فكيف يُثبت العقد ما يبطله؟

وتُعُقّب باختلاف الجهة، وبالمعارضة بنظيره، وذلك أن النقد، وترك الأجل شرطٌ لصحة الصرف، وهو يُفسد السَّلَم عندهم.

واحتَجَّ بعضهم بحديث ابن عمر الآتي بعد بابين في قصة البكر الصعب (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015