وتُعُقّب بأنه قياس مع ظهور الفارق؛ لأن البيع يُنقل فيه ملك رقبة المبيع، ومنفعته، بخلاف ما ذُكر.

وقال ابن حزم: سواء قلنا: التفرق بالكلام، أو بالأبدان، فإن خيار المجلس بهذا الحديث ثابت، أما حيث قلنا: التفرق بالأبدان فواضح، وحيث قلنا: بالكلام فواضح أيضًا؛ لأن قول أحد المتبايعين مثلًا: بعتكه بعشرة، وقول الآخر: بل بعشرين مثلًا، افتراق في الكلام بلا شك، بخلاف ما لو قال: اشتريته بعشرة، فإنهما حينئذ متوافقان، فيتعين ثبوت الخيار لهما حين يتفقان، لا حين يتفرقان، وهو المدَّعَى.

(تاسعها): قيل: المراد بالمتبايعين المتساومان.

ورُدّ بأنه مجاز، والحمل على الحقيقة، أو ما يقرُب منها أولى.

واحتجّ الطحاويّ بآيات، وأحاديث، استُعِمل فيها المجاز، وقال: من أنكر استعمال لفظ البائع في السائم، فقد غفل عن اتساع اللغة.

وتُعُقّب بأنه لا يلزم من استعمال المجاز في موضع، طرده في كل موضع، فالأصل من الإطلاق الحقيقة، حتى يقوم الدليل على خلافه.

وقالوا أيضًا: وقت التفرق في الحديث، هو ما بين قول البائع: بعتك هذا بكذا، وبين قول المشتري: اشتريت، قالوا: فالمشتري بالخيار في قوله: اشتريت، أو تركه، والبائع بالخيار إلى أن يوجب المشتري، وهكذا حكاه الطحاويّ عن عيسى بن أبان منهم، وحكاه ابن خويزمنداد عن مالك، قال عيسى بن أبان: وفائدته تظهر فيما لو تفرقا قبل القبول، فإن القبول يتعذر.

وتُعُقّب بأن تسميتهما متبايعين، قبل تمام العقد مجاز أيضًا، فأجيب بأن تسميتهما متبايعين بعد تمام العقد مجاز أيضًا؛ لأن اسم الفاعل في الحال حقيقة، وفيما عداه مجاز، فلو كان الخيار بعد انعقاد البيع، لكان لغير البيّعين، والحديث يردّه، فتعيّن حمل التفرق على الكلام.

وأجيب: بأنه إذا تعذر الحمل على الحقيقة، تعيّن المجاز، وإذا تعارض المجازان، فالأقرب إلى الحقيقة أولى، وأيضًا فالمتبايعان، لا يكونان متبايعين حقيقة، إلا في حين تعاقدهما، لكن عقدهما لا يتم إلا بأحد أمرين: إما بإبرام العقد، أو التفرق على ظاهر الخبر، فصحّ أنهما متعاقدان ما داما في مجلس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015