يقال: بأن من كان بالمدينة من الصحابة يُقبل خلافه ما دام مقيمًا بها، فإذا خرج عنها لم يقبل خلافه، هذا محال، فإن قبول قوله باعتبار صفات قائمة به، حيث حلّ، وقد خرج منها عليّ - رضي الله عنه -، وهو أفضل أهل زمانه بإجماع أهل السنّة، وقال أقوالًا بالعراق، كيف يمكن أن تُهْدَر إذا خالفها أهل المدينة، وهو كان رأسهم؟ وكذلك ابن مسعود - رضي الله عنه -، ومحلّه من العلم معلوم، وغيرهما قد خرجوا، وقالوا أقوالًا، على أن بعض الناس يقولون: إن المسائل المختلف فيها خارج المدينة، مختلف فيها بالمدينة، وادّعى العموم في ذلك. انتهى (?).
وقال ابن العربيّ: إنما لم يأخذ به مالك؛ لأن وقت التفرق غير معلوم، فأشبه بيوع الغرر، كالملامسة.
وتُعُقّب بأنه يقول بخيار الشرط، ولا يَحُدّه بوقت معين، وما ادّعاه من الغرر موجود فيه، وبان الغرر في خيار المجلس معدوم؛ لأن كلًّا منهما متمكن من إمضاء البيع، أو فسخه بالقول، أو بالفعل، فلا غرر.
(رابعها): قالت طائفة: هو خبر واحد، فلا يُعمل به إلا فيما تعمّ به البلوي.
ورُدّ بأنه مشهور، فيُعْمَل به كما ادعَوا نظير ذلك في خبر القهقهة في الصلاة، وإيجاب الوتر.
(خامسها): قال آخرون: هو مخالف للقياس الجليّ، في إلحاق ما قبل التفرق بما بعده. وتعقب بأن القياس مع النصّ فاسد الاعتبار.
(سادسها): قال آخرون: التفرق بالأبدان محمول على الاستحباب، تحسينًا للمعاملة مع المسلم، لا على الوجوب.
(سابعها): قال آخرون: هو محمول على الاحتياط؛ للخروج من الخلاف، وهذا والذي قبله على خلاف الظاهر، ولا يُعدل عن الظاهر إلا بدليل، ولا يوجد.
(ثامنها): قالت طائفة: المراد بالتفرق في الحديث، التفرق بالكلام، كما في عقد النكاح، والإجارة، والعتق.