وهذا فيما بيع كيلًا، وإن بيع جزافًا فقبضه نقله؛ لأن ابن عمر قال: "كانوا يُضرَبون على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، إذا اشتروا طعامًا جِزافًا، أن يبيعوه في مكانه، حتى يحوّلوه"، وفي لفظ: "كنا نبتاع الطعام جِزافًا، فبُعِثَ علينا من يأمرنا بانتقاله من مكانه، الذي ابتعناه إلى مكان سواه، قبل أن نبيعه"، وفي لفظ: "كنا نشتري الطعام من الركبان جِزافًا، فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نبيعه حتى ننقله"، رواهنّ مسلم.

وهذا يبين أن الكيل إنما وجب فيما بيع بالكيل، وقد دل على ذلك أيضًا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا سميت الكيل فكِل" (?)، رواه الأثرم.

وإن كان المبيع دراهم أو دنانير، فقبضُها باليد، وإن كان ثيابًا باليد فقبضها نقلها، وإن كان حيوانًا فقبضه تمشيته من مكانه، وإن كان مما لا يُنقل ويحوّل، فقبضه التخلية بينه وبين مشتريه، لا حائل دونه، وقد ذكره الْخِرَقي في "باب الرهن" فقال: إن كان مما ينقل فقبضه أخذه إياه من راهنه منقولًا، وإن كان لا ينقل فقبضه تخلية راهنه بينه وبين مرتهنه، لا حائل دونه، ولأن القبض مطلق في الشرع، فيجب الرجوع فيه إلى العرف؛ كالإحراز، والتفرق، والعادة في قبض هذه الأشياء ما ذكرنا. انتهى كلام ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ - (?)، وهو بحث نفيس جدًّا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في بيان مَن عليه أجرة الكيل، والوزن:

قال ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ -: وأجرة الكيّال والوزّان، في المكيل والموزون على البائع؛ لأن عليه تقبيضَ المبيع للمشتري، والقبض لا يحصل إلا بذلك، فكان على البائع، كما أن على بائع الثمرة سقيَهَا، وكذلك أجرة الذي يَعُدّ المعدودات، وأما نقل المنقولات وما أشبهه، فهو على المشتري؛ لأنه لا يتعلق به حقُّ توفية، نَصّ عليه أحمد - رَحِمَهُ اللهُ -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015