قال الشافعيّة: يلتحق بالمملوك بالبيع ما كان في معناه، وهو ما كان مضمونًا على من هو في يده بعقد معاوضة؛ كالأجرة، والعوض المصالح عليه عن المال، وكذا الصداق؛ بناءً على أنه مضمون على الزوج ضمان عقد، وهو الأظهر، أما ما ليس مضمونًا على من هو تحت يده، كالوديعة، والإرث، أو مضمونًا ضمان يد، وهو المضمون بالقيمة، كالمستام، ونحوه، فيجوز بيعه قبل القبض؛ لتمام الملك فيه، ومذهب أحمد نحوه، قال ابن تيميّة في "المحرّر": وكلّ عين مُلكت بنكاح، أو خُلع، أو صلح عن دم عمدًا، أو عتق، فهي كالبيع في ذلك كله، لكن يجب بتلفها مثلها، إن كانت مثليّة، وإلا فقيمتها، ولا فسخ لعقدها بحال، فأما ما مُلك بإرث، أو وصيّة من مكيل، أو غيره، فالتصرّف فيه قبل قبضه جائزٌ.
وفرّق ابن حزم في ذلك بين القَمْح وغيره، فقال في القَمْح: إنه بأيّ وجه مَلَكه لا يحلّ له بيعه قبل قبضه، وقال في غيره: متى مَلَكه بغير البيع فله بيعه قبل قبضه. انتهى (?).
وقال ابن قُدامة - رَحِمَهُ اللهُ -: وكل عوض مُلك بعقد ينفسخ بهلاكه قبل القبض، لم يجز التصرف فيه قبل قبضه، كالذي ذكرنا، والأجرة، وبدل الصلح، إذا كانا من المكيل، أو الموزون، أو المعدود، وما لا ينفسخ العقد بهلاكه، جاز التصرف فيه قبل قبضه؛ كعوض الخلع، والعتق على مال، وبدل الصلح عن دم العمد، وأرش الجناية، وقيمة المتلف؛ لأن الْمُطْلِق للتصرف الملكُ، وقد وُجد، لكن ما يتوهم فيه غررُ الانفساخِ بهلاك المعقود عليه، لم يجز بناء عقد آخر عليه تحرزًا من الغرر، وما لا يتوهم فيه ذلك الغرر انتفى المانع، فجاز العقد عليه، وهذا قول أبي حنيفة، والمهر كذلك عند القاضي، وهو قول أبي حنيفة؛ لأن العقد لا ينفسخ بهلاكه، وقال الشافعي: لا يجوز التصرف فيه قبل قبضه، ووافقه أبو الخطاب في غير المتعين؛ لأنه يخشى رجوعه بانتقاض سببه بالردة قبل الدخول، أو انفساخه بسبب من جهة المرأة، أو نصفه بالطلاق، أو انفساخه بسبب من غير جهتها، وكذلك قال الشافعي في عوض الخلع، وهذا التعليل باطل بما بعد القبض، فإن قبضه لا يمنع الرجوع فيه قبل الدخول.