الأخرى، والقبض في المنقولات يكون بالنقل، والمراد بالنقل تحويله إلى مكان، لا يختصّ بالبائع، أو يختصّ بالبائع بإذنه. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله ولي الدين - رَحِمَهُ اللهُ - من أن الاستيفاء والقبض بمعنى واحد أظهر مما سبق في عبارة "الفتح" من الفرق بينهما، فتأمله، والله تعالى أعلم.
(قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ) - رضي الله عنهما - (وَأَحْسِبُ) بكسر السين المهملة، وفتحها، قال الفيّوميّ - رَحِمَهُ اللهُ -: وحَسِبتُ زيدًا قائمًا أَحْسَبُهُ، من باب تَعِبَ في لغة جميع العرب، إلا بني كنانة، فإنهم يكسرون المضارع مع كسر الماضي أيضًا، على غير قياس، حِسْبانًا، بمعنى ظننت. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله عنه: حَسِب بمعنى ظَنّ من الأفعال التي سُمع فتح عينها على القياس، وكسرها على الشذوذ، وقد ذكرها ابن مالك في "لاميّته" حيث قال:
وَجْهَانِ فِيهِ مِنِ احْسِبْ مَعْ وَغِرْتَ وَحِرْ ... تَ انْعِمْ بَئِسْتَ يَئستَ إِوْلِهْ يَبِسْ وَهِلَا
وَفِقْتَ مَعْ وَرِيَ الْمُخُّ احْوِهَا ... .....................................
وزاد الشارح محمد بن عمر اليمنيّ - رَحِمَهُ اللهُ - عليها، فقال:
وَمِثْلُ يَحْسَبُ ذِي الْوَجْهَيْنِ مِنْ فَعِلَا ... يَلِغْ يَبِقْ تَحِمُ الْحُبْلَى اشْتَهَتْ أُكُلَا
(كُلَّ شَيْءٍ مِثْلَهُ) بنصب "كلَّ" على أنه المفعول الأول لـ "أحسب"، و"مثله" هو المفعول الثاني.
ومعنى كلام ابن عبّاس - رضي الله عنهما - هذا: أن الحديث، وإن نصّ على الطعام، إلا أن غير الطعام يُلحق به، وهذا من تفقّهه - رضي الله عنه -، وقد مال ابن المنذر - رَحِمَهُ اللهُ - إلى اختصاص ذلك بالطعام، واحتجّ باتفاقهم على أن من اشترى عبدًا، فاعتقه قبل قبضه أن عتقه جائزٌ، قال: فالبيع كذلك.
وتُعُقّب بالفارق، وهو تشوّف الشارع إلى العتق، وسيأتي ترجيح إطلاق المنع في المسألة الرابعة - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.