الثاني عن الأول، احتَمَل كون النقص لعارض، من سوء مرعاها في ذلك اليوم، أو غير ذلك، فإذا استمرّ كذلك ثلاثة أيام، عُلم أنَّها مصرّاة، مما لا يُلتفت إليه؛ لكونه خلاف الظاهر، والله تعالى أعلم.
ثم اختلف القائلون بامتداد الخيار ثلاثة أيام في ابتدائها، وللشافعيّة في ذلك وجهان:
[أحدهما]: أن ابتداءها من العقد.
[الثاني]: أنه من التفرّق، وشبّهوا الوجهين بالوجهين في خيار الشرط، ومقتضى ذلك أن الراجح أن ابتداءها من العقد، وقال الحنابلة: إن ابتداءها من حين تبيّنت التصرية، قاله في "الطرح" (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما قاله الحنابلة هو الأرجح عندي؛ لموافقته لظاهر الحديث، حيث رتّب ثبوت الخيار بما بعد الحلب، وهو معنى تبيّن التصرية، فافهم، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة العاشرة): قال الحافظ وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: رتّب الشافعيّة على القول بامتداد الخيار ثلاثة أيام فروعًا:
[منها]: أنه لو عرف التصرية قبل ثلاثة أيام امتدّ الخيار إلى آخر الثلاثة فقط.
[ومنها]: أنه لو عَرَف التصرية في آخر الثلاثة، أو بعدها، فلا خيار على القول بأن مدّته ثلاثة أيام؛ لامتناع مجاوزة الثلاثة.
[ومنها]: أنه لو اشترى عالمًا بالتصرية، ثبتٌ له الخيار ثلاثة أيام، وأما على القول بأنه على الفور، فلا يختلف الحكم في الفرعين الأولين، ولا خيار في الثالث؛ كسائر العيوب. قال وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: وفيما ذكره أصحابنا في هذه الفروع نظرٌ، والظاهر أن الشارع إنما اعتبر المدّة من حين معرفة سبب الخيار، وإلا كان يلزم أن يكون الفور متَّصلًا بالعقد، ولو لَمْ يعلم به لخيف أنه إذا تأخّر علمه به عن العقد، فات الخيار، وهذا لا يمكن القول به، ويلزم على ما ذكروه أن يكون الفور أوسع من ثلاث في الفرع الثاني، وهو بعيد، ويلزم عليه