وعلى الوجه الأول، إذا ردها لَمْ يلزم بدل لبنها، ولا يردّ معها شيئًا؛ لأنَّ هذا اللبن لا يباع عادة، ولا يعاوض عنه. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القول الثاني - وهو عدم ثبوت الخيار في غير بهيمة الأنعام - أرجح؛ لظهور حجته، فتأمله، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الثامنة): قال الحافظ وليّ الدين - رَحِمَهُ اللهُ -: [إن قلت]: قوله: "بعد أن يحلبها" يقتضي أنه لا يثبت الخيار إلَّا بعد الحلب، مع أنه ثابتٌ قبله، إذا علم التصرية.
[قلت]: قال الشيخ تقيّ الدين في "شرح العمدة": جوابه أنه يقتضي إثبات الخيار في هذين الأمرين المعنيين، أعني الإمساك والرّدّ مع الصاع، وهذا إنما يكون بعد الحلب؛ لتوقّف هذين المعنيين على الحلب؛ لأنَّ الصاع عوضٌ عن اللبن، ومن ضرورة ذلك الحلب. انتهى.
قال وليّ الدين: وقد يجاب عنه بأن التصرية لا تُعرف غالبًا إلَّا بالحلب؛ لأنه إذا حلب أَوّلًا لبنًا غزيرًا، ثم حلب ثانيًا لبنًا قليلًا، عُرف حينئذ ذلك، فعبّر بالحلب عن معرفة التصرية؛ لأنه ملازم له غالبًا، والله أعلم. انتهى (?)، وهو بحث مفيدٌ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة التاسعة): في اختلاف أهل العلم في الردّ، هل هو على الفور، أم لا؟
ذهب بعضهم إلى أنه على الفور؛ كسائر العيوب، وصححه البغويّ، والرافعيّ، والنوويّ؛ لظاهر قوله: "وإن كرهها ردّها".
وذهب بعضهم إلى أنه يمتدّ إلى ثلاثة أيام؛ لقوله: "فهو بالخيار ثلاثة أيام"، وصوّبه ابن دقيق العيد في "شرح العمدة"، وهو الصحيح، وحُكي عن نصّ الشافعيّ، وقال ابن المنذر: إنه مذهب الشافعيّ، وهو مذهب الحنابلة، وجواب الأولين عن هذه الرواية بحملها على ما إذا لَمْ يعلم أنَّها مصرّاة إلَّا في ثلاثة أيام؛ لأنَّ الغالب أنه لا يُعلم فيما دون ذلك، فإنه إذا نقص لبنها في اليوم