(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم هل الخيار فسخٌ، أم طلاقٌ؟

قال ابن قُدامة - رحمه الله -: وفرقة الخيار فسخٌ، لا ينقص بها عدد الطلاق، نصّ عليه أحمد، ولا أعلم فيه خلافًا، قيل لأحمد: لم لا يكون طلاقًا؟ قال: لأن الطلاق ما تَكلّم به الرجل؛ ولأن الفرقة لاختيار المرأة، فكانت فسخًا؛ كالفسخ لعُنّته، أو عَتَهِهِ. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: ولا أعلم فيه خلافًا، فيه نظر، فإن الخلاف ثابت، قال في "الفتح": واختُلف في التي تختار الفراق، هل يكون ذلك طلاقًا، أو فسخًا؟ فقال مالكٌ، والأوزاعيّ، والليث: تكون طلقة بائنة، وثبت مثله عن الحسن، وابن سيرين. أخرجه ابن أبي شيبة. وقال الباقون: يكون فسخًا، لا طلاقًا. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أن الأرجح القول بأنه فسخٌ؛ لظهور معنى الفسخ فيه أكثر من ظهور معنى الطلاق، حيث إنه ليس فيه كلام للزوج، وأنه من قبل المرأة، فيترجّح كونه فسخًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في وقت خيار الأمة:

قال ابن قُدامة - رحمه الله -: خيار المعتقة على التراخي، ما لو يوجد أحد أمرين: عتق زوجها، أو وطؤه لها، وممن قال: إنه على التراخي مالكٌ، والأوزاعيّ، وروي ذلك عن عبد الله بن عمر، وأخته حفصة، وبه قال سليمان بن يسار، ونافعٌ، والزهريّ، وقتادة، وحكاه بعض أهل العلم عن الفقهاء السبعة.

وقال أبو حنيفة، وسائر العراقيين: لها الخيار في مجلس العلم، وللشافعيّ ثلاثة أقوال: أظهرها كقولنا، والثاني: أنه على الفور، كخيار الشفعة، والثالث: أنه إلى ثلاثة أيام.

ولنا ما روى الإمام أحمد في "المسند" بإسناده عن الحسن بن عمرو بن أميّة، قال: سمعت رجالًا يتحدّثون عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا أعتقت الأمة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015