فهي بالخيار، ما لم يطأها، إن شاءت فارقته، وإن وطئها فلا خيار لها" (?)، ورواه الأثرم أيضًا، وروى أبو داود أن بريرة عتقت، وهي عند مغيث، عبد لآل أحمد، فخيّرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال لها: "إن قربك فلا خيار لك" (?)، ولأنه قول من سمّينا من الصحابة، ولا مخالف لهم في عصرهم، قال ابن عبد البرّ: لا أعلم لابن عمر، وحفصة مخالفًا من الصحابة، ولأن الحاجة داعية إلى ذلك فثبت، كخيار القصاص، أو خيارٍ لدفع ضرر متحقّق، فأشبه ما قلناه. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الإمام أحمد، ومن معه من أن تخيير الأمة على التراخي أرجح؛ لإطلاق تخيير الشارع لبريرة - رضي الله عنها -، دون أن يقيّده بوقت دون وقت، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السابعة): في بيان اختلاف الروايات في كون زوج بريرة حرًّا أو عبدًا: قال في "التلخيص الحبير": حديث: "أن بريرة أُعتقت، فخيّرها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاختارت نفسها، ولو كان حرًّا لم يُخيّرها"، رواه النسائيّ، وابن حبّان، والطحاويّ، وابن حزم من حديث عائشة - رضي الله عنها - بهذا، قال الطحاويّ: يَحْتَمِل أن يكون من كلام عروة، قال الحافظ: وقع التصريح بذلك في النسائي، وقال ابن حزم: يَحتَمِل أن يكون من كلام عائشة، أو من دونها، والتخيير ثابتٌ في "الصحيحين" من حديث عائشة أيضًا من طرق، وفي "الطبقات" لابن سعد، عن عبد الوهّاب بن عطاء، عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبيّ: أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال لبريرة لَمّا عَتَقَت: "وقد عتق بضعك معك، فاختاري"، وهذا مرسل، ووصله الدارقطنيّ من طريق أبان بن صالح، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة - رضي الله عنها -.

ورُوي كون زوجها عبدًا من حديث عائشة، وابن عمر، وابن عبّاس - رضي الله عنهم -.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015