عبّاس: كان زوج بريرة عبدًا أسود لبني المغيرة، يقال له: مغيث، رواه البخاريّ وغيره، وقالت صفيّة بنت عبيد: كان زوج بريرة عبدًا أسود، وقال أحمد: هذا ابن عبّاس، وعائشة قالا في زوج بريرة: إنه عبدٌ، رواية علماء المدينة، وعَمَلهم، وإذا روى أهل المدينة حديثًا، وعملوا به، فهو أصحّ شيء، وإنما يصحّ أنه حرّ عن الأسود وحده، فأما غيره فليس بذاك، قال: والعقد صحيح، فلا يُفسخ بالمختلف فيه، والحرّ فيه اختلاف، والعبد لا اختلاف فيه، ويُخالف الحرّ العبدَ؛ لأن العبد نقصٌ، فإذا كملت تحته تضرّرت ببقائها عنده، بخلاف الحرّ. انتهى كلام ابن قُدامة - رحمه الله -.

وقال في "الفتح" عند شرح قول البخاري - رحمه الله -: "باب خيار الأمة تحت العبد": اقتضت الترجمة بطريق المفهوم أن الأمة إذا كانت تحت حرّ، فعَتَقت لم يكن لها خيار، وقد اختلف العلماء في ذلك، فذهب الجمهور إلى ذلك، وذهب الكوفيون إلى إثبات الخيار لمن عَتَقت، سواءٌ كانت تحت حرّ أم عبد، وتمسكوا بحديث الأسود بن يزيد، عن عائشة أن زوج بريرة كان حرًّا، وقد اختُلِف فيه على راويه، هل هو من قول الأسود، أو رواه عن عائشة، أو هو قول غيره؟

قال إبراهيم بن أبي طالب أحد حفاظ الحديث، وهو من أقران مسلم، فيما أخرجه البيهقيّ عنه: خالف الأسودُ الناسَ في زوج بريرة.

وقال الإمام أحمد: إنما يصحّ أنه كان حرًّا عن الأسود وحده، وما جاء عن غيره فليس بذاك، وصحّ عن ابن عباس وغيره أنه كان عبدًا، ورواه علماء المدينة، وإذا رَوَى علماء المدينة شيئًا، وعملوا به، فهو أصح شيء، وإذا عَتَقَت الأمة تحت الحرّ، فعقدها المتفق على صحته لا يفسخ بأمر مختلَفٍ فيه. انتهى.

وحاول بعض الحنفيّة ترجيح رواية من قال: كان حرًّا على رواية من قال: كان عبدًا، فقال: الرقّ تعقبه الحرّيّة بلا عكس، وهو كما قال، لكن محل طريق الجمع إذا تساوت الروايات في القوّة، أما مع التفرّد في مقابلة الاجتماع، فتكون الرواية المنفردة شاذّةً، والشاذّ مردود، ولهذا لم يَعتبر الجمهور طريق الجمع بين الروايتين، مع قولهم: إنه لا يُصار إلى الترجيح مع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015