كان موسرًا، قُوِّم عليه، ثم يَعْتِق"، فرَتَّب العتق على التقويم بـ "ثُمَّ"، لكن قد يقال: لا يلزم من ترتيبه على التقويم ترتيبه على أداء القيمة، فإن التقويم معرفة قيمته، ثم قد يدفع القيمة، وقد لا يدفعها، وإن لَمْ يكن موسرًا بقيمة الباقي عَتَق عليه ذلك القدر خاصّةً، واستَمَرَّ الباقي على رِقِّه (?).
وقد اختَلَفَ العلماء في هذه المسألة على أقوال، يأتي تحقيقها في "المسألة التالية - إن شاء الله تعالى -.
2 - (ومنها): أن قوله: "من أَعتق شركًا" بكسر الشين، هو بمعنى قوله في الرواية الأخرى: "شِقْصًا"، وهو بكسر الشين أيضًا، ويقال: الشَّقِيص أيضًا بزيادة ياء، وهو النصيب قليلًا كان أو كثيرًا، والشرك في الأصل مصدر أُطلق على مُتَعَلَّقه، وهو المشترَك، ولا بُدّ من إضمارٍ؛ أي: جزءًا مشترَكًا؛ لأن المشترَك في الحقيقة الجملة، وأُخرج به ما إذا كان مالكًا لعبد بكماله، فأَعتق بعضه، فإنه يَعتق جميعه مطلقًا؛ لمصادفة العتق ملكه، وهذا مذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، والجمهور، وقال أبو حنيفة: يُستسعَى في بقيته لمولاه، كما قال في المشترَك، وخالفه الناس في ذلك حتى صاحباه، وذكر النووي أن العلماء كافّةً على الأول، وانفرد أبو حنيفة بقوله، ثم قال: وحَكَى القاضي عياض أنه رُوي عن طاوس، وربيعة، وحماد، ورواية عن الحسن كقول أبي حنيفة، وقاله أهل الظاهر، وحُكي عن الشعبيّ، وعبد الله بن الحسن العنبريّ أن للرجل أن يُعتق من عبده ما شاء. انتهى (?).
قال وليّ الدين: وفيما نقله عن أهل الظاهر نظر، فقد قال ابن حزم بعتق الجميع فيما إذا كان كله مملوكًا له، كقول الجمهور، ولم يَنْقُل عن أحد من أصحابهم ما يخالفه، وقال: ما نعلم لأبي حنيفة متقدمًا قبله.
3 - (ومنها): خرج بقوله: "أَعْتَق" ما إذا أُعتق عليه قهرًا بأن وَرِث بعض من يَعتق عليه بالقرابة، فإنه يَعتق ذلك القدر خاصّةً، ولا سراية، قال وليّ الدين: وبهذا صرّح الفقهاء من الشافعيّة وغيرهم، وعن أحمد رواية بخلافه.