على أهل المدينة، وتظهر بالعراق؟ ! وهذا في الاستبعاد والهذر، كمستبضع التمر إلى هجر.
الرابع: أن حديثهم مخالف للأصول في حق السَيِّد والعبد، أما في حق السيد: فإنه إخراج لملك عن مالك من غير عوض ولا تنجيز عتق جبرًا، وبيانه: أن مدَّة الاستسعاء تفوِّت على السيد منافع عبده، وقد لا يحصل له شيء يعتق به، فتفوت عليه منافع عبده لغير فائدة. وأما في حق العبد: فإن تكليفه السعي ليحصل له العتق في معنى الكنابة، والكتابة لا يجبر عليها العبد إذا لَمْ يطلبها بالاتفاق بيننا وبينه، فالسعي لا يجبر عليه، وأيضًا فإن منع المالك من التصرف في ملكه، وإدخال العبد فيما لا يريده مؤاخذات لهما بسبب جناية غيرهما الذي هو المعتق، ومن الأنسب الأحرى: أن لا تزر وازرة وزر أخرى، فقد ظهر بهذه الأوجه: أن حديث ابن عمر أولى وأوجه.
قال الجامع عفا الله عنه: سيأتي التحقيق في حديث الاستسعاء في الباب التالي - إن شاء الله تعالى -.
تنبيهان: الأول: ذهب بعض المتأخرين: إلى أن الحكم بالتكميل غير معلَّل، وليس بصحيح، بل قد نصَّ الشرع على تعليله في الحديث الذي ذكرناه من حديث ابن عمر، وجابر - رضي الله عنهم -، حيث قال فيه: "من أعتق عبدًا وله فيه شركاء، وله وفاء فهو حرٌّ، ويضمن نصيب شركائه بقيمته، لما أساء من مشاركتهم، وليس على العبد شيء"، وإذا علل ذلك بسوء المشاركة فذلك موجود فيما إذا دبَّر بعض عبده، فيكمِّل عليه التدبير بعد التقويم. وهذا أحد الأقوال في المذهب - يعني المالكيّ -، أو لا يُلحق به ذلك لمخالفة حكم الفرع حكم الأصل؛ فإن حكم الأصل عتق ناجزٌ لازمٌ، إمَّا في الجزء، وإمَّا في الكلّ، وفي الفرع تدبير قد لا يحصل منه شيء لإمكان لحوق الدَّين تركة السيد، فيباع المدبَّر، فلا يَكْمُل التدبير، وهو القول الثاني عندنا، وإذا لَمْ يصحّ ذلك في التدبير فالكتابة أبعد؛ لأنَّها مع توقع عجز المكاتب معاوضة، وعلى هذا فتكون علَّة الحديث قاصرة، والله أعلم.
الثاني: أن الشَّرع لَمَّا جبر الشَّريك على أخذ قيمة شقصه، فهِمَ العلماء من ذلك تشوُّف الشَّارع إلى العتق، وإذا كان ذلك في ملك الغير كان أحرى