مخالف للنص، ويلزمه على هذا: أن يرفع الحكم بالحديث رأسًا، فإنه مخالف للقياس، حيث حكم الشرع بعتق حصة الشريك، وإخراجها عن ملكه جبرًا، فإن اعتذر عن هذا: بأن الشرع إنما حكم بذلك تعبدًا، أو تشوّفًا للعتق، اعتذرنا بذلك عن تنفيذ عتق الشقص على المعتق المعسر.
وحاصله: أن مراعاة حق الله تعالى في العتق مقدَّمة على مراعاة حقِّ الآدمي، ولا سيما والعتق قد وقع على حصة المعتِق، وما وقع فالأصل بقاؤه.
وظاهر حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - وإن اختلفت طرقه، وألفاظه -: أن المعتق إذا كان معسرًا لا يكلَّف العبد السعي في تخليص ما بقي منه، وهو مذهب كافة العلماء ما عدا أبا حنيفة؛ فإنَّه يجبر الشريك في العتق، واستسعاء العبد، متمسِّكًا في ذلك بما في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - من ذكر الاستسعاء الذي قال فيه: "فإن لَمْ يكن له مالٌ اسْتُسعِي العبد غير مشقوقٍ عليه".
وقد ردّ علماؤنا ذكر الاستسعاء المذكور في هذا الباب بوجهين:
أحدهما: التأويل، وهو أن قالوا: معناه: أن يُكلَّف المتمسَّك بالرِّق عَبْدَه الخدمة على قدر ملكه، لا زيادة على ذلك، ولفظ الاستسعاء قابل لذلك؛ لأنه استدعاء السعي؛ الذي هو العمل، لكن لماذا؛ هل لحق العتق، أو لحق السَّيد؟ الأمر مُحْتَمِلٌ، ولا نصَّ، غير أن تأويلنا أولى؛ لأنه موافق للقواعد الشرعية، وتأويلهم مخالف لها على ما نبيِّنه إن شاء الله تعالى.
قال القرطبيّ: هذا معنى ما أشار إليه أصحابنا، وقد جاء في كتاب أبي داود ما يبطل هذا التأويل من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "فإن لَمْ يكن له مال قوِّم العبد قيمة عدلٍ، ثم يُستسعى لصاحبه في قيمته غير مشقوق عليه".
والوجه الثاني: الترجيح، وهو من أوجه:
الأول: أن سند حديثنا أقرب سندًا من حديثهم، فتطرُّق احتمال الغلط إليه أبعد.
الثاني: أن حديثهم قد رواه شعبة، وهشام، وهمَّام موقوفًا على قتادة من قوله، وفتياه. وحديثنا متَّفقٌ على رفعه، فكان أولى.
والثالث: أن حديثنا معمولٌ به عند أهل المدينة، وجمهور العلماء، وحديثهم إنما عَمِل به أبو حنيفة وأصحابه من أهل العراق، فكيف تخفى سُنَّة