هي سبب تفويت مِلك الشَّريك، فيقوَّم عليه على ما كان حال الجناية؛ كالحكم في سائر الجنايات المفوتة، وهل يعتبر قيمته يوم العتق، أو يوم الحكم؟ قولان، والثاني هو المشهور.
وقوله: "فأُعْطِيَ شركاؤه حِصَصَهم" الرواية: "أُعطِي" مبنيًّا للمفعول، "شركاؤه، مفعول لما لَمْ يُسمِّ فاعله، وهو مُشْعرٌ بِجَبْرِ الْمُعتِق على الإعطاء، وجَبْرِ الشَّرِيك على الأخذ، لكن إنما يُجْبَرُ الشَّريك إذا لَمْ يُعْتِق حصَّتَه، فلو أعتق لَمْ يجبر على المشهور، وسيأتي.
ويعني بقوله: "حصصهم" أي: قيمة حصصهم.
وقوله: "وعَتَقَ عليه العبدُ"، "عَتَق" - بفتح العين والتاء -، مبنيًّا للفاعل، واسم الفاعل: عَتِيق، ولا يقال مبنيًّا لما لَمْ يسمَّ فاعله إلَّا بهمزة التعدية، فيقال: أُعتِق، فهو: مُعْتَق.
ويستفاد منه: أن مَن حُكِم عليه بالعتق نُسِب إليه، وإن كان كارهًا، وإذا صحت نسبته إليه ثبتٌ الولاء له؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إنما الولاء لمن أعتق".
وظاهر هذا الحديث: أن العتق لا يكمل للعبد إلَّا بعد التقويم، ودفع القيمة إلى الشريك، وهو مشهور قول مالك وأصحابه، والشافعيّ في القديم، وبه قال أهل الظاهر، وعليه فيكون حكم المعتق بعضه قبل التقويم والدفع حكم العبد مطلقًا، ولو مات لَمْ يقوَّم على المعتق، ولو أَعتق الشريك نفذ عتقه، وكان الولاء بينهما.
وذهبت طائفة أخرى: إلى أن عتق البعض يسري إلى نصيب الشريك، فيلزم التكميل على الأول إن كان موسرًا، ولا يقف ذلك على تقويم، ولا حكم، ولا دفع، وإليه ذهب الثوري، والأوزاعي، وابن أبي ليلى، وابن شُبْرمة، ومالك، والشافعيّ في قولهما الآخر.
وعلى هذا فيكون حكم المعتق بعضه حكم الأحرار مطلقًا من يوم العتق، ولو أعتق الشريك لَمْ ينفذ عتقه، ولو مات العبد قبل التقويم ودفع القيمة مات حرًّا.
ومتمسَّك هؤلاء حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي قال فيه: "من أعتق شقصًا له في عبد فخلاصُه في ماله إن كان له مال"، وأظهر من هذا: ما رواه النسائيّ