إلى المسألة، فَيُجيبه، كما فَعَل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وقد جاء من حديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - قال: ذكر التلاعن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال عاصم بن عديّ في ذلك قولًا، ثم انصرف، فأتاه رجل من قومه يشكو إليه أنه وَجد مع امرأته رجلًا، فقال عاصم: ما ابتُليت بهذا إلا لقولي، فذهب به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكر الحديث، وهذا نصّ في أنّ المبتلَى به عاصم من جهة أنه امتُحن بوقوع ذلك برجل من قومه، فعَظُم عليه ذلك، وشَقّ عليه، حتى تكلّف سؤال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن تلك المسألة القبيحة، ورأى أن ذلك كالعقوبة له؛ لما تكلّم في اللعان قبل وقوعه، وأما ابتلاء السائل الذي سأل النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فإنما هو أن وَجَد الرجل مع امرأته، فهو ابتلاء آخر، غير ابتلاء عاصم. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله صه: عندي أنه لا مانع من كون ابتلاء السائل من نوع ابتلاء عاصم، كما أسلفت تقريره، فتأمله، والله تعالى أعلم.
(فَأَنْزَلَ اللهُ هَؤلَاءِ الْآيَاتِ فِي "سُورَةِ النُّورِ": {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ}) أي: يقذفون زوجاتهم بالزنا، زاد في رواية النسائيّ: حتى بلغ {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9)} (فَتَلَاهُنَّ عَلَيْهِ) أي: تلا النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هؤلاء الآيات (وَوَعَظَهُ، وَذَكَّرَة) وفي رواية النسائيّ: "فبدأ بالرجل، فوعظه، وذكّره"، قال القرطبيّ: هذا الوعظ والتذكير كان منه - صلى الله عليه وسلم - قبل اللعان، وينبغي أن يُتّخذ سنّة في وعظ المتلاعنين قبل الشروع في اللعان، ولذلك قال الطبريّ: إنه يجب على الإمام أن يعظ كلّ من يحلّفه، وذهب الشافعيّ إلى أنه يعظ كلّ واحد بعد تمام الرابعة، وقبل الخامسة؛ تمسّكًا بحديث ابن عبّاس - رضي الله عنهما - في لعان هلال بن أمية - رضي الله عنه - أنه - صلى الله عليه وسلم - وعظهما عند الخامسة. انتهى (?).
(وَأَخْبَرَهُ أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا) هو حدّ القذف في حقّه (أَهْوَن مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ) أي: من نار جهنّم - أعاذنا الله منها - (قَالَ) الرجل (لَا) أي: لا أتراجع مما قلته؛ لأنه حقّ، وصدقٌ، كما أوضحه بقوله: (وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا كَذَبْتُ عَلَيْهَا، ثُمَّ دَعَاهَا) أي: المرأة (فَوَعَظَهَا، وَذَكَرَهَا، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا) هو الرجم في حقّها حيث كانت محصنةً (أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ) قال