(الْمُتَلَاعِنَانِ) مبتدأ خبره جملة قوله: (أَيُفَرَّقُ) بالبناء للمفعول (بَيْنَهُمَا؟ ) وفي رواية عزرة، عن سعيد بن جبير: قال: "لم يفرّق المصعب - يعني ابن الزبير - بين المتلاعنين، فذكرت ذلك لابن عمر، فقال: فرّق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أخوي بني العجلان".
(قَالَ: سُبْحَانَ اللهِ نَعَمْ) أي: يُفرّق بينهما، إنما سبّح تعجبًا من خفاء هذا الحكم المشهور على سعيد (إِنَّ أَوَّلَ مَنْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ) قال القرطبيّ رحمه الله: هو - والله أعلم - عويمر العجلانيّ المتقدّم الذكر. انتهى (?). (قَالَ: يَا رَسُولَ الله، أَرَأَيْتَ أَن لَوْ وَجَدَ أَحَدُنَا) "أنْ" بفتح الهمزة هي المخفّفة من الثقيلة، واسمها ضمير الشأن، أي: أنه، وإلى هذا أشار في "الخلاصة":
وَإِنْ تُخَفَّفْ "أَنَّ" فَاسْمُهَا اسْكَنْ ... وَالْخَبَرَ اجْعَلْ جُمْلَةً مِنْ بَعْدِ "أَنْ"
وَإِنْ يَكُنْ فِعْلًا وَلَمْ يَكُنْ دُعَا ... وَلَمْ يَكُنْ تَصْرِيفُهُ مُمْتَنِعَا
فَالأَحْسَنُ الْفَصْلُ بِـ "قَدْ" أَوْ نَفْيٍ أوْ ... تَنْفِيسِ أوْ "لَوْ" وَقَلِيلٌ ذِكْرُ "لَو"
(امْرَأَتَهُ عَلَى فَاحِشَةٍ) يعني الزنا (كَيْفَ يَصْنَعُ؟ إِنْ تَكَلَّمَ تَكَلَّمَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ) أي: لما فيه من الفضيحة (وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ) وفي نسخة: "عن مثل ذلك"؛ أي: على أمر عظيم؛ أي: لما فيه من الْمَضَض (?)، والغيظ (قَالَ) ابن عمر - رضي الله عنهما - (فَسَكَتَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -، فَلَمْ يُجِبْهُ) أي: لما ينتظره من الوحي، ففي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - الآتي: "لَمّا سأل الرجل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، قال - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم افتح"، وجعل يدعو، فنزلت آية اللعان" (فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَاهُ) ذلك الرجل (فَقَالَ: إِنَّ الَّذِي سَأَلْتُكَ عَنْهُ، قَدْ ابْتُلِيتُ بِهِ) هذا يدلّ على أن سؤاله الأول ليس عن شيء واقع حقيقة، وإنما هو شيء ارتاب فيه، فحمله شدّة غيرته على أن يسأل، فوقع له ذلك حقيقة، ابتلاءً، كما يقال: البلاء موكّل بالمنطق (?).
وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "قد ابْتُليتُ به" ظاهر هذا أنه خطاب من السائل للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - لَمّا لم يُجبه، فأخبره بوقوع ذلك له؛ ليُحقّق عنده أنه مضطرّ