المقصود من كلام ابن قدامة رحمه الله (?).

وقال في "الفتح": ذهب مالكٌ، والشافعيّ، ومن تبعهما إلى أن الفرقة تقع بنفس اللعان، قال مالك، وغالب أصحابه: بعد فراغ المرأة، وقال الشافعيّ، وأتباعه، وسحنون من المالكيّة: بعد فراغ الزوج، واعتلّ بأن التعان المرأة إنما شُرع لدفع الحدّ عنها، بخلاف الرجل، فإنه يزيد على ذلك في حقّه نفي النسب، ولحاق الولد، وزوال الفراش.

وتظهر فائدة الخلاف في التوارث لو مات أحدهما عقب فراغ الرجل، وفيما إذا علّق طلاق امرأة بفراق أخرى، ثم لاعن الأخرى، وقال الثوريّ، وأبو حنيفة، وأتباعهما: لا تقع الفرقة حتى يوقعها عليهما الحاكم، واحتجّوا بظاهر ما وقع في أحاديث اللعان، وعن أحمد روايتان، وذهب عثمان البتّيّ إلى أنه لا تقع الفرقة حتى يوقعها الزوج، واعتلّ بأن الفرقة لم تذكر في القرآن، ولأن ظاهر الأحاديث أن الزوج هو الذي طلّق ابتداءً، ويقال: إن عثمان تفرّد بذلك، لكن نقل الطبريّ عن أبي الشعثاء جابر بن زيد البصريّ، أحد أصحاب ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، من فقهاء التابعين نحوه، ومقابله قول أبي عبيد: إن الفرقة بين الزوجين تقع بنفس القذف، ولو لم يقع اللعان، وكأنه مفرَّعٌ على وجوب اللعان على من تحقّق ذلك من المرأة، فإذا أخلّ به عوقب بالفرقة، تغليظًا عليه. انتهى (?).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الذي يظهر لي أنه لا يحتاج إلى حكم الحاكم، بل تقع الفرقة بنفس اللعان، وأنه لا بدّ من تمام لعانهما، فلا تقع قبله؛ عملًا بظاهر الأحاديث، وأما تفريق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بينهما، فالظاهر أنه أعلمهما بذلك، وأنهما لا يجتمعان بعد ذلك، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): في اختلاف أهل العلم في فرقة اللعان، هل هي فسخٌ، أم طلاق؟ :

ذهبت طائفة إلى أن الفرقة فسخٌ، وبه قال الشافعيّ، وأحمد رحمهما الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015