القافة حيث لا يوجد ظاهر يُتمسّك به، ويقع الاشتباه، فيرجع حينئذ إلى القافة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في صفة الزوجين اللذين يصحّ منهما اللعان:
ذهبت طائفة إلى أن اللعان يصحّ من كلّ زوجين مكلّفين، مسلمين كانا، أو كافرين، أو عدلين، أو فاسقين، أو محدودين في قذف، أو كان أحدهما كذلك، وبهذا قال سعيد بن المسيّب، وسليمان بن يسار، والحسن، وربيعة، ومالك، وإسحاق، وأحمد في رواية.
وحجّتهم عموم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6]؛ ولأن اللعان يمين، فلا يفتقر إلى سائر ما اشترطوه، كسائر الأيمان، ودليل أنه يمين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لولا الأيمان، لكان لي ولها شأن"، وأما تسميته شهادة؛ فلقوله في يمينه: أشهد بالله، فسمي ذلك شهادة، وإن كان يمينًا، كما قال تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: 1].
وذهبت طائفة إلى أنه لا يصحّ اللعان إلا من زوجين مسلمين، عدلين، حزين، غير محدودين في قذف، روي هذا عن الزهريّ، والثوريّ، والأوزاعيّ، وحماد، وأصحاب الرأي. وعن مكحول: ليس بين المسلم والذّمّيّة لعان، وعن عطاء، والنخعيّ في المحدود في القذف: يُضرب الحدّ، ولا يُلاعن، وروي فيه حديث، ولا يثبت، كذلك قال الشافعيّ، والساجيّ؛ ولأن اللعان شهادة، بدليل قوله عز وجل: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} [النور: 6]، فاستثنى أنفسهم من الشهداء، وقال تعالى: {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: 6]، فلا يُقبل ممن ليس من أهل الشهادة (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي ما ذهب إليه الأولون؛ لقوّة دليله، والله تعالى أعلم.
وقال في "الفتح" عند شرح حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أن رجلًا من الأنصار قذف امرأته، فأحلفهما النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ثم فرّقهما"، ما نصّه: وقد تمسّك به من