ونقل فيه ابن المنذر الإجماع، وفي صداق غير المدخول بها خلاف للحنابلة، والمشهور أن لها نصف المهر؛ لأنها فُرقة منه، وبه قال الحسن، وسعيد بن جبير، وقتادة، ومالك، وفي رواية: لا صداق لها؛ لأن الفرقة حصلت بلعانهما جميعًا، فأشبه الفرقة بعيب في أحدهما.
45 - (ومنها): أنه لو نكح فاسدًا، أو طلّق بائنًا، فولدت، فأراد نفي الولد، فله الملاعنة. وقال أبو حنيفة: يلحقه الولد، ولا نفي، ولا لعان؛ لأنها أجنبيّة، وكذا لو قذفها، ثم أبانها بثلاث فله اللعان، وقال أبو حنيفة: لا، وقد أخرج ابن أبي شيبة عن هُشيم، عن مغيرة، قال الشعبيّ: إذا طلّقها ثلاثًا، فوضعت، فانتفى منه، فله أن يلاعن، فقال له الحارث: إن الله يقول: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} الآية [النور: 6]، أفتراها زوجة؟ فقال الشعبيّ: إني لأستحيي من الله إذا رأيت الحقّ أن لا أرجع إليه، فلو التعن ثلاث مرّات فقط، فالتعنت المرأة مثله، ففرّق الحاكم بينهما لم تقع الفرقة عند الجمهور؛ لأن ظاهر القرآن أن الحدّ وجب عليهما، وأنه لا يندفع إلا بما ذُكر، فتعيّن الإتيان بجميعه، وقال أبو حنيفة: أخطأ السنّة، وتحصل الفرقة؛ لأنه أُتي بالأكثر، فتعلّق به الحكم، ومذهب الجمهور أصحّ.
46 - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الالتعان ينتفي به الحمل؛ خلافًا لأبي حنيفة، ورواية عن أحمد؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "انظروا، فإن جاءت إلخ"، فإن الحديث ظاهر في أنها كانت حاملًا، وقد أُلحق الولد مع ذلك بأمه.
47 - (ومنها): أن فيه جواز الحلف على ما يغلب على الظنّ، ويكون المستند التمسّك بالأصل، أو قوة الرجاء من الله تعالى عند تحقّق الصدق؛ لقول من سأله هلال: "والله ليجلدنّك"، ولقول هلال: "والله لا يضربني، وقد علم أني رأيت، حتى استفتيت".
48 - (ومنها): أن اليمين التي يُعتدّ بها في الحكم ما يقع بعد إذن الحاكم؛ لأن هلالًا قال: "والله إني لصادق"، ثم لم يحتسب بها من كلمات اللعان الخمس.
49 - (ومنها): أنه تمسّك به من قال لإلغاء حكم القافة، وتُعقّب بأن إلغاء حكم الشبه هنا إنما وقع حيث عارضه حكم الظاهر بالشرع، وإنما يُعتبر حكم