بذلك أربعًا، ثم قال له في الخامسة: ولعنة الله عليك إن كنت من الكاذبين، ففعل، ثم دعاها، فذكر نحوه، فلما كان في الخامسة: سكتت سكتةً، حتى ظنوا أنها ستعترف، ثم قالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت على القول".
وفي حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - من طريق عاصم بن كُليب، عن أبيه، عنه، عند أبي داود، والنسائيّ، وابن أبي حاتم: "فدعا الرجل، فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فامَر به، فأُمسك على فيه، فوَعَظه، فقال: كلُّ شيء أهون عليك من لعنة الله، ثم أرسله، فقال: لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، وقال في المرأة نحو ذلك"، وهذه الطريق لم يُسَمَّ فيها الزوج، ولا الزوجة، بخلاف حديث أنس، فصرَّح فيه بأنها في قصة هلال بن أمية، فإن كانت القصّة واحدة، وقع الوهم في تسمية الملاعِن، كما جزم به غير واحد، فهذه زيادة من ثقة، فتُعتَمد، وإن كانت متعددة، فقد ثبت بعضها في قصة امرأة هلال. انتهى كلام الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ - ببعض اختصار.
(فَلَمَّا فَرَغَا) زاد في رواية البخاريّ: "من تلاعنهما" (قَالَ عُويمِرٌ: كَذَبْتُ عَلَيْهَا يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَمْسَكْتُهَا) وفي رواية الأوزاعيّ: "إن حبستها فقد ظلمتها".
(فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا قَبْلَ أَنْ يَأمُرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وفي رواية بن إسحاق: "ظلمتها إن أمسكتها، فهي الطلاق، فهي الطلاق"، قال في "الفتح": وقد تفرد بهذه الزيادة، ولم يتابع عليها، وكأنه رواه بالمعنى؛ لاعتقاده منع جمع الطلقات الثلاث بكلمة واحدة، واستُدِلّ بقوله: "طلقها ثلاثًا" أن الفرقة بين المتلاعنين تتوقف على تطليق الرجل، كما نُقِل عن عثمان الْبَتّيّ.
وأجيب بقوله في حديث ابن عمر: فَرّق النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بين المتلاعنين، فإن حديث سهل، وحديث ابن عمر في قصة واحدة، وظاهر حديث ابن عمر أن الفرقة وقعت بتفريق النبيّ - صلى الله عليه وسلم -.
وقد وقع في شرح مسلم للنوويّ - رَحِمَهُ اللهُ - قوله: "كذبت عليها يا رسول الله، إن أمسكتها" هو كلام مستقلّ، وقوله: "فطلقها"؛ أي: ثم عَقَّبَ قوله ذلك بطلاقها، وذلك لأنه ظن أن اللعان لا يُحرِّمها عليه، فأراد تحريمها بالطلاق،