آخر الأجلين، قال أبو سلمة: فقلت: قال الله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: 4] قال: إنما ذاك في الطلاق، وقد أخرج الطبريّ وابن أبي حاتِم بطرُق متعددة إلى أُبَيّ بن كعب أنه قال للنبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} المطلقة ثلاثًا، أو المتوفى عنها زوجها؟ قال: هي للمطلقة ثلاثًا، أو المتوفى عنها، قال الحافظ - رَحِمَهُ اللهُ -: وهذا المرفوع، وإن كان لا يخلو شيء من أسانيده عن مقال، لكن كثرة طرقه تُشعر بأن له أصلًا، ويعْضِده قصة سبيعة المذكورة. انتهى (?).

[تنبيه]: يقال: إن ابن عبّاس - رضي الله عنهما - رجع عن مذهبه هذا، وقال بقول الجمهور، قال في "الفتح": ويقوّيه أن المنقول عن أتباعه وفاق الجماعة في ذلك. انتهى.

(وَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن (قَدْ حَلَّتْ) أي: حلّ نكاحها؛ لانقضاء عدّتها بوضع حملها؛ عملًا بالآية المذكورة (فَجَعَلَا يَتَنَازَعَانِ ذَلِكَ) فيه أن المفضول يسعه خلاف الفاضل في المسائل، فإن أبا سلمة من التابعين، وابن عبّاس من الصحابة - رضي الله عنهما -.

(قَالَ) سليمان بن يسار (فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) - رضي الله عنه - (أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي، يَعْنِي أَبَا سَلَمَةَ) بن عبد الرَّحمن؛ أي: أنا أوافقه فيما قال (فَبَعَثُوا) أي: أرسلوا (كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) هو كريب بن أبي مسلم الهاشميّ مولاهم، أبو رِشدين المدنيّ الثقة من الثالثة، توفي سنة (98 هـ) تقدّمت ترجمته في "الحيض" 2/ 688.

[تنبيه]: قال في "الفتح": هذا السياق ظاهره أن أبا سلمة تَلَقَّى ذلك عن كريب، عن أم سلمة، وهو المحفوظ، وذكر الحميديّ في "الجمع" أن أبا مسعود ذكره في "الأطراف" في ترجمة أبي سلمة، عن عائشة، قال الحميديّ: وفيه نظر؛ لأن الذي عندنا من البخاريّ: "فأرسل ابنُ عباس غلامه كُريبًا، فسألها"، لَمْ يذكر لها اسمًا، قال الحافظ: كذا قال، والذي وقع لنا، ووقفت عليه من جميع الروايات في البخاريّ، في هذا الموضع: "فأرسل ابن عباس غلامه كريبًا إلى أم سلمة"، وكذا عند الإسماعيليّ من وجه آخر، عن يحيى بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015