وفي رواية يزيد بن رومان: "لا تكلمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليس عنده دنانير، ولا دراهم، فما كان لكِ من حاجة حتى دُهْنةٍ، فسليني".
(وَلَا يَغُرَّنَّكِ أَنْ) بفتح الألف، وبكسرها أيضًا (كَانَتْ جَارَتُكِ) أي: ضَرّتك، أو هو على حقيقته؛ لأنها كانت مجاورة لها، والأولى أن يُحْمَل اللفظ هنا على معنييه؛ لصلاحيته لكل منهما، والعرب تُطلق على الضرّة جارةً؛ لتجاورهما المعنويّ؛ لكونهما عند شخص واحد، وإن لم يكن حسيًّا، وقد وقع في حديث حَمَل بن مالك: "كنت بين جارتين" يعني ضرّتين، فإنه فسره في الرواية الأخرى، فقال: "امرأتين"، وكان ابن سيرين يكره تسميتها ضرّةً، ويقول: إنها لا تضرّ، ولا تنفع، ولا تذهب من رزق الأخرى بشيء، وإنما هي جارةٌ، والعرب تسمي صاحب الرجل، وخليطه: جارًا، وتسمي الزوجة أيضًا جارةً؛ لمخالطتها الرجلَ (?).
وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: أراد بالجارة الضرّة، وكَنَى بها عنها؛ مراعاةً للأدب، واجتنابًا للفظ الضرر أن يضاف لمثل أزواج النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، ورضي عنهنّ، ويعني بذلك عائشة - رضي الله عنها -. انتهى (?).
(هِيَ أَوْسَمَ) أي: أجمل، وهو بالسين المهملة، من الوسامة، وهي العلامة، والوسيم: الجميل، فكأن الحسن وَسَمها؛ أي: علّمها بعلامة تُعرف بها، ولفظ البخاريّ: "أوضأ" من الوضاءة (وَأَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْك، يُرِيدُ عَائِشَةَ) المعنى: لا تغترّي بكون عائشة تفعل ما نهيتكِ عنه، فلا يؤاخذها بذلك، فإنها تُدْلِ بجمالها، ومحبة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيها، فلا تغتري أنت بذلك؛ لاحتمال أن لا تكوني عنده في تلك المنزلة، فلا يكون لك من الإدلال مثل الذي لها.
ووقع في رواية عُبيد بن حُنين الماضية أبين من هذا، ولفظه: "يا بُنيّةُ لا تغرّنّك هذه التي قد أعجبها حسنها، وحبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إياها".
وفي رواية الطيالسيّ: "لا تغترّي بحسن عائشة، وحبّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -