على أنها إذا انقضت عدّتها أن لا رجعة، وأنه لو طلّق في طهر قد مسّها فيه لا يؤمر بمراجعتها، كذا نقله ابن بطّال وغيره، لكن الخلاف فيه ثابتٌ، قد حكاه الحناطيّ من الشافعيّة وجهًا، واتفقوا على أنه لو طلّق قبل الدخول، وهي حائضٌ يؤمر بالمراجعة، إلا ما نقل عن زفر، فطرد الباب. انتهى (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي القولُ بوجوب الرجعة على من طلّق امرأته في حيضها هو الأرجح؛ لظهور حجته؛ لأن الأمر للوجوب إلا لصارف؛ وليس هنا صارف يُعتدّ به، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): ذكر العلماء في الحكمة في تأخير الطلاق إلى طهر بعد الطهر الذي يلي ذلك الحيض الذي وقع فيه الطلاق أمورًا:
[أحدها]: ما قاله الشافعيّ: يَحْتَمِل أن يكون أراد بذلك أن يستبرئها بعد الحيضة التي طلّقها فيها بطهر تامّ، ثم حيض تامّ؛ ليكون تطليقها، وهي تعلم عدّتها، إما بحمل، أو بحيض، أو ليكون تطليقها بعد علمه بالحمل، وهو غير جاهل بما صنع؛ إذ يرغب، فيُمسك للحمل، أو ليكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكفّ عنه.
[الثاني]: أن الطهر الذي يلي الحيض الذي طلّقها كقرء واحد، فلو طلّقها فيه لكان كمن طلّق في الحيض، وهو ممتنعٌ من الطلاق في الحيض، فلزم أن يتأخّر إلى الطهر الثاني.
[الثالث]: أن لا تصير الرجعة لغرض الطلاق، فوجب أن يمسكها زمانًا يحلّ له فيه طلاقها، وإنما أمسكها؛ لتظهر فائدة الرجعة.
[الرابع]: أنه عقوبةٌ له، وتوبةٌ من معصيته باستدراك ما جناه، وعبّر عنه بعضهم بأنه معاملة بنقيض مقصوده، فإنه عجل ما حقّه أن يتأخر قبل وقته، فمُنع منه في وقته، وصار كمستعجل الإرث بقتل مورِّثه.
[الخامس]: أنه نهي عن طلاقها في الطهر، ليطول مقامه معها، فقد يجامعها، فيذهب ما في نفسه من سبب طلاقها، فيمسكها، قال أبو العبّاس