وأجاب من قال: تحيض الحامل بأن حيض الحامل لمّا لم يكن له تأثير في تطويل العدّة، ولا تخفيفها؛ لأنها بوضع الحمل، أباح الشارع طلاقها حاملًا مطلقًا، وأما غير الحامل ففرق بين الحائض والطاهر؛ لأن الحيض يؤثر في العدّة، فالفرق بين الحامل وغيرها إنما هو بسبب الحمل، لا بسبب الحيض، ولا الطهر.
9 - (ومنها): أن الأقراء في العدّة هي الأطهار.
10 - (ومنها): أنه تمسّك بالزيادة التي في رواية سالم الآتية: "ثم ليطلقها طاهرًا، أو حاملًا" من استثنى من تحريم الطلاق في طهر جامعها فيه ما إذا ظهر الحمل، فإنه لا يحرم، والحكمة فيه أنه إذا ظهر الحمل فقد أقدم على ذلك على بصيرة، فلا يندم على الطلاق، وأيضًا فإن زمن الحمل زمن الرغبة في الوطء، فإقدامه على الطلاق فيه يدلّ على رغبته عنها.
ومحلّ ذلك أن يكون الحمل من المطلِّق، فلو كان من غيره بأن نكح حاملًا من زنا، ووطئها، ثم طلّقها، أو وُطئت منكوحته بشبهة، ثم حملت منه، فطلّقها زوجها، فإن الطلاق يكون بدعيًّا؛ لأن عدّة الطلاق تقع بعد وضع الحمل، والنقاء من النفاس، فلا تُشرع عقب الطلاق في العدّة، كما في الحامل منه. قاله في "الفتح " (?).
11 - (ومنها): أن الخطابيّ - رحمه الله - قال في قوله: "ثم إن شاء أمسك، وإن شاء طلّق" دليلٌ على أن من قال لزوجته، وهي حائضٌ: إذا طهرتِ، فأنت طالقٌ لا يكون مطلّقًا للسنّة؛ لأن المطلّق للسنّة هو الذي يكون مخيّرًا عند وقوع طلاقه بين إيقاع الطلاق وتركه، ومن سبق منه هذا القول في وقت الحيض زائلٌ عنه الخيار في وقت الطهر. انتهى (?).
12 - (ومنها): أنه استُدِلّ بقوله: "قبل أن يمسّ" على أن الطلاق في طهر جامعها فيه حرام، وبه صرّح الجمهور، فلو طلّق هل يُجبر على الرجعة كما يُجبر عليها إذا طلّقها، وهي حائضٌ؟ طرده بعض المالكيّة فيهما، والمشهور عنهم إجباره في الحائض، دون الطاهر، وقالوا فيما إذا طلّقها، وهي حائض: