عليه؛ لقوله لها: "تربت يمينك"، فإن فيه إشارةً إلى أنه كان من حقّها أن تسأل عن الحكم فقط، ولا تُعلّل.

12 - (ومنها): أن بعضهم ألزم به من أطلق من الحنفيّة القائلين: إن الصحابيّ إذا روى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - حديثًا، وصحّ عنه، ثمّ صحّ عنه العمل بخلافه أن العمل بما رأى، لا بما روى؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - صحّ عنها أن لا اعتبار بلبن الفحل، ذكره مالك في "الموطّإ"، وسعيد بن منصور في "السنن"، وأبو عبيد في "كتاب النكاح" بإسناد حسن، وأخذ الجمهور، ومنهم الحنفيّة بخلاف ذلك، وعملوا بروايتها في قصّة أخي أبي القُعيس، وحرّموه بلبن الفحل، فكان يلزمهم على قاعدتهم أن يتّبعوا عمل عائشة - رضي الله عنها -، ويُعرِضوا عن روايتها، ولو كان رَوَى هذا الحكم غير عائشة لكان لهم معذرة، لكنّه لم يروه غيرها، وهو إلزام قويّ، قاله في "الفتح" (?)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في لبن الفحل:

ذهب الجمهور إلى أن لبن الفحل يُحَرِّمُ، قال ابن قدامة - رحمه الله -: وممن قال بتحريمه: عليّ، وابن عبَّاس، وعطاء، وطاوسٌ، ومجاهد، والحسن، والشعبيّ، والقاسم، وعروة، ومالكٌ، والثوريّ، والأوزاعيّ، والشافعيّ، وإسحاق، وأبو عُبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، وأصحاب الرأي. قال ابن عبد البرّ: وإليه ذهب فقهاء الأمصار بالحجاز، والعراق، والشام، وجماعة أهل الحديث.

ورخّص في لبن الفحل سعيد بن المسيّب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخعيّ، وأبو قلابة، ويُروى ذلك عن ابن الزبير، وجماعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير مُسَمَّينَ؛ لأن الرضاع من المرأة، لا من الرجل. انتهى (?).

وقال في "الفتح": وفي الحديث أن لبن الفحل يحرّم، فتنتشر الحرمة لمن ارتضع الصغير بلبنه، فلا تحلّ له بنت زوج المرأة التي أرضعته من غيرها مثلًا، وفيه خلاف قديم، حُكِي عن ابن عمر، وابن الزبير، ورافع بن خَديج، وزينب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015