بنت أمّ سلمة، وغيرهم، ونقله ابن بطّال عن عائشة، وفيه نظر، ومن التابعين عن سعيد بن المسيّب، وأبي سلمة، والقاسم، وسالم، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والشعبيّ، وإبراهيم النخعيّ، وأبي قِلابة، وإياس بن معاوية، أخرجها ابن أبي شيبة، وعبد الرزّاق، وسعيد بن منصور، وابن المنذر. وعن ابن سيرين: "نُبّئت أن ناسًا من أهل المدينة اختلفوا فيه"، وعن زينب بنت أبي سلمة أنها سألت، والصحابة متوافرون، وأمهات المؤمنين، فقالوا: الرضاعة من قِبَل الرجل لا تُحرّم شيئًا، وقال به من الفقهاء: ربيعة الرأي، وإبراهيم ابن عليّة، وابن بنت الشافعيّ، وداود، وأتباعه. وأغرب عياضٌ، ومن تبعه في تخصيصهم ذلك بداود، وإبراهيم، مع وجود الرواية عمن ذكرنا بذلك.

وحجتهم في ذلك قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} الآية [النساء: 23]، ولم يذكر العمّة، ولا البنت كما ذكرهما في النسب.

وأجيبوا بأن تخصيص الشيء بالذِّكر لا يدلّ على نفي الحكم عما عداه، ولا سيّما وقد جاءت به الأحاديث الصحيحة.

واحتجّ بعضهم من حيث النظر بأن اللبن لا ينفصل من الرجل، وإنما ينفصل من المرأة، فكيف تنتشر الحرمة إلى الرجل؟ .

والجواب أنه قياسٌ في مقابلة النصّ، فلا يُلتفت إليه، وأيضًا فإن سبب اللبن هو ماء الرجل والمرأة معًا، فوجب أن يكون الرضاع منهما، كالجدّ لَمّا كان سبب الولد أوجب تحريم ولد الولد به؛ لتعلّقه بولده، وإلى هذا أشار ابن عبّاس بقوله في هذه المسألة: "اللقاح واحد"، أخرجه ابن أبي شيبة، وأيضًا فإن الوطء يُدرّ اللبن، فللفحل فيه نصيب.

وذهب الجمهور من الصحابة، والتابعين، وفقهاء الأمصار، كالأوزاعيّ في أهل الشام، والثوريّ، وأبي حنيفة، وصاحبيه في أهل الكوفة، وابن جريج في أهل مكة، ومالك في أهل المدينة، والشافعيّ، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، وأتباعهم إلى أن لبن الفحل يُحرِّمُ. وحجتهم هذا الحديث الصحيح.

وألزم الشافعيّ المالكيّة في هذه المسألة بردّ أصلهم بتقديم عمل أهل المدينة، ولو خالف الحديث الصحيح، إذا كان من الآحاد؛ لِمَا رواه عن عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة، من أن لبن الفحل لا يحرّم، قال عبد العزيز بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015