نفيه عن الوطء، فيقال: هذا سِفَاح، وليس بنكاح، ويُروى عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "وُلدتُ من نكاح، لا من سِفَاح" (?)، ويقال عن السُّرِّيّة: ليست بزوجة، ولا منكوحة، ولأن النكاح أحد اللفظين اللذين ينعقد بهما عقد النكاح، فكان حقيقة فيه؛ كاللفظ الآخر، وما ذكره القاضي يُفضي إلى كون اللفظ مشتركًا، وهو على خلاف الأصل، وما ذكره الآخرون يدلّ على الاستعمال في الجملة، والاستعمال فيما قلنا أكثر وأشهر، ثم لو قُدِّر كونه مجازًا في العقد لكان استمالًا عرفيًّا، يجب صرف اللفظ عند الإطلاق إليه؛ لشهرته، كسائر الأسماء العرفيّة. انتهى كلام ابن قدامة - رحمه الله - (?).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تلخّص مما سبق أن الأرجح قول من قال: إن النكاح حقيقة في العقد، مجاز في الوطء؛ لقوّة دليله كما بيّنها ابن قدامة آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب.
(المسألة الثانية): في بيان فوائد النكاح، وحكمة مشروعيّته:
(اعلم): أن للنكاح خمس فوائد: الولد، وكسر الشهوة، وتدبير المنزل، وكثرة العشيرة، ومجاهدة النفس بالقيام بهنّ:
(فأما الفائدة الأولى): فالولد، وهو الأصل، وله وُضِع النكاح، والمقصود إبقاء النسل، وأن لا يخلو العالم عن جنس الإنس، وإنما الشهوة خلقت باعثة مستحثة كالموكل بالفحل في إخراج البذر وبالأنثى في التمكين من الحرث تلطفًا بهما في السياقة إلى اقتناص الولد بسبب الوقاع؛ كالتلطف بالطير في بث الحب الذي يشتهيه ليساق إلى الشبكة. وكانت القدرة الأزلية غير