طعامكم؛ قالت: اللحم والماء، فقال: اللهم بارك لهم في لحمهم ومائهم،

قالها ثلاثًا، والحديث أخرجه البخاريّ بطوله.

قال أبو عمر: ولو كان الدعاء للمدينة بالبركة دليلًا على فضلها على

مكة، لكانت الشام واليمن أفضل من مكة؛ لأن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دعا بالبركة لأهلها،

ولم يذكر في ذلك الحديث مكة، وهذا لا يقوله مسلم.

قال: ومما يدلّ على فضل مكة على غيرها قول النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بُني الإسلام

على خمس ... "، فذكر منها حج البيت الحرام، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "الإلحاد فيه من

الكبائر"، وجعل الله الكعبة البيت الحرام قبلة للمسلمين في حلاتهم، وقال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:

"قبلتكم أحياءً وأمواتًا" (?).

ورضي الله - عَزَّوَجَلَّ -، من عباده بحط أوزارهم، بأن يقصد القاصد البيت الحرام

حاجا مرّة في دهره.

وقال النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو واقف بالْحَزَوَّرة في سوق مكة: "والله إنك لخير

أرض الله - عَزَّوَجَلَّ -، ، وأحب أرض الله - عَزَّوَجَلَّ - إلى الله - عَزَّوَجَلَّ -، ولولا أني أُخرجت منك ما

خرجت" (?)، قال: وهو حديث لا يختلف أهل العلم بالحديث في ححته.

قال: وأما ما روي عن النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في حين خروجه من مكة إلى

المدينة: "اللهم إنك تعلم أنهم أخرجوني من أحب البلاد إليّ، فأسكنّي أحب

البلاد إليك"، فهو حديث موضوع منكر، لا يختلف أهل العلم في نكارته

وضعفه، وأنه موضوع، وينسبون وضعه إلى محمد بن الحسن بن زِبَالة المدنيّ،

وحملوا عليه فيه، وتركوه.

قال أبو عمر: وأخبرنا عبد الرَّحمن بن يحيي، قال: حدّثني عليّ بن

مسرور، قال: حدّثني أحمد بن داود، قال: حدّثني سحنون بن سعيد، قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015