حدّثني عبد الله بن وهب، قال: حدّثني مالك بن أنس: أن آدم لما أُهبط إلى
الأرض بالهند، قال: يا رب هذه أحب الأرض إليك أن تُعْبَد فيها؟ قال: بل
مكة، فسار آدم حتى أتى مكة، فوجد عندها ملائكة يطوفون بالبيت،
ويعبدون الله - عَزَّوَجَلَّ -، فقالوا: مرحبأ يا آدم يا أبا البشر، إنا ننتظرك ها هنا منذ
ألفي سنة، فهذه حكاية مالك - رَحِمَهُ اللهُ - وقوله، وخبره عن مكة (?). انتهى كلام ابن
البرّ - رَحِمَهُ اللهُ - باختصار (?).
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة الكثيرة الصحيحة أن
مكة أفضل من المدينة، وأنه لا يلزم من حديث الباب تفضيلها عليها، وهذا هو
الصحيح الذي عليه جمهور أهل العلم، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب،
وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رَحِمَهُ اللهُ - المذكور أولَ الكتاب قال:
[3336] ( ... ) - (حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَي، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ
الْمَدَنِيُّ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كَانَ يُؤْتَى بِأَوَّلِ الثَّمَرِ، فَيَقُولُ: "اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا، وَفِي ثِمَارِنَا، وَفِي
مُدِّنَا، وَفِي صَاعِنَا، بَرَكَةً مَعَ بَرَكَةٍ"، ثُمَّ يُعْطِيهِ أَصْغَرَ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنَ الْوِلْدَانِ).
رجال هذا الإسناد: خمسة:
وكلّهم ذُكروا في الباب، و"عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَدَنِيُّ" هو:
الدّرَاورديّ.
والحديث من أفراد المصنّف - رَحِمَهُ اللهَ -، وقد مضى شرحه، وبيان مسائله في
الحديث الماضي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.